نظرة على المادة الاعلامية

في رحلتنا اليومية بين الرأي والواقع نخلق طريقا كان في السابق ملتويا عتيدا ومع مرور الزمن أصبح مستويا ومعبّدا وممهدا يوصلك بسهولة لصناعة جديد ياخذ حظه من الرواج والمتعة بسرعة تفوق التصور وينتقل من الإعجاب ليصير حديث الساحة وحديث الساعة في ايام الفراغ.

 

أما اليوم وبعد أن تجاوزنا ذلك الحاجز ولم يعد هناك ما نخافه في الصمت إذا بنا نقف مكتوفو الأيدي أمام ندرة المادة التي كنا نصنع منها زادنا، وعمت هذه الداهية جميع البقاع المجاورة حتى تلك التي كانت معدنا لا ينضب ومعينا لا حدود له، نفدت هي الأخرى وتصادم الرواد في ساحة اللقاء المعتاد وجميعهم خالي الوفاضي، ولسان حالهم هل من جديد؟

 

نعم ... لقد لاحظت ولست من أهل النباهة، ولكني متابع للساحة الإعلامية، أن هناك فتورا في العمل وقصورا في الإنتاج، يخيّم على هام القائمين على المؤسسات الإعلامية في موريتانيا، يكاد يحيل مهنة المتاعب إلى راحة لا تتطلب الكثير من الجراءة، وكلي اسف على اندثار هذا الحقل الخطير العظيم الذي أصبح ـ مع تطور التقنيات الحديثة وتوظيفها في مجال الاتصالات ـ المرآة التي تعكس قيمة الأنظمة وصلاحياتها ومدى تقدم أي بلد وازدهاره وتأخره، ومدى وعي الانسان وشعوره بالحضارة والثقافة واللغة.

 

وتكفيك نظرة خاطفة نحو عناوين الأخبار أوالصحف أو المواقع الالكترونية لينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير، وحين نخص بالذكر هذه المواقع التي أصبحت ملجأ لتمرير الأفكار المتحررة ومركزا للدعاية والتزلف ـ ندرك بسهولة ضحالة المادة التي تستورد منها ما تقدمه من منشورات وشفافة الستور التي تخفي خلفها أهدافا بالية، وسخافة المبادئ التي تروج لها.

 

وكما لكل قاعدة استثناء والتعميم كفر بالحقيقة وجحد للفضل فما زالت هناك هامات شامخة وتمثل القدوة وتسمو عن الصفة والنعت الذي نعنيه ونعانيه ونأمل إزاحته عن ساحتنا الفتية، ولكن الغالبية من سواد المواقع يصدق عليها ما أشرنا له بطرف البنان وتركنا الحكم عليه للسان الناطق بالحقيقة إن وجد.

 

وآخر دعوانا أن الإعلام سلاح بكل الألوان وهو من تلك الأسلحة التي لا تترك في متناول الأطفال والأطفال تصدق على كل من لم يبلغ الرشد بعد، كما تصدق على من لا يجيد استخدام عقله في غير الكسب إن بهذه أو تلك ، وتصدق كذلك على من تفوق رغبته في عدد القراءة رغبته في التحري والصدق وعزو الخبر لمصدره.

ديدي نجيب

أربعاء, 23/01/2019 - 12:24

          ​