إن الكتابة عن اللحظة السياسية الحالية هي أقرب إلى رسم حدود نقطة بلغة أهل الرياضيات، وتبدو الصورة جلية للبعض من مسافة "مقيل"، وضبابية للبعض الآخر من زاوية حادة بلغة أهل السياسية.
فكانت عبارة "موريتانيا من العين إلى الغين" أقرب للذهن في سبيل إرساء أسس مبدئية للانطلاقة نحو تصور ذلك المستقبل، لمن لا يحسن فن السياسة، ولا يزال في حدود التهجي.
فيما يبدو ذلك كمغامرة كبيرة أن تحاول الرسم في بحر الواقع بمداد الجدية الناضجة في واقع مضطرب يتم خلاله تشكل الحدث وفق جملة من الأبعاد لا تمت له بصلة.
ويفرض على المقيمين فيه أن يتسلحوا بثلاثة مستويات نفسية من التعبر عن الشيء الواحد في نفس اللحظة من أجل مواكبة الآخر.
من هنا جاء اختيار الأسلوب الساخر كأقرب طريق نحو القلوب المتخمة بالجدية، والتي تعاف السياسة في ثوبها الناضج وتتناولها بطعم السخرية، وذلك لنفث هذا الجديد؛ ليناسب المقام روح الأدب والفن.
فكما كانت القصص في الكتب الأدبية والروايات الشفهية تحكي لنا عن ظرافة أهل الحجاز فإن لأهل موريتانيا حظ من الظرافة والبحث عن النكتة في كل شيء..
وكانوا يخرجون الفكاهة من بين فرث ودم "حديث الساعة" تبرق من النضرة قبل أن توجد مواقع التواصل الاجتماعي وتتشعب الحكايات ويكثر تناولها بصيغ مختلفة فتفقد نكهتها وبريقها الأصيل.
وكما هو معروف أن الجمهور هو الذي يصنع الحدود الإبداعية للنص، وذلك ما ينعكس على فكاهة كل قوم.
هذا وقد نال حدث توافق الأغلبية على مرشح واحد هو الفريق محمد ولد محمد الشيخ ولد محمد أحمد الغزواني، خلفا لرئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، حظا من ذلك، فتناولتها الأقلام والأفهام كل حسب خلفيته الثقافية ومرتعه المعرفي، وكان الأدب أكثر النصوص لصوقا بالذهنية وأسرع تداولا...
ومن ذلك "كاف "جديد للأديب الظريف عثمان محمد ببانه اختزل فيه الحالة العامة المتبعة في نهج السياسيين في موريتانيا إلا من رحم ربك، حيث يقول:
فِي السّياسَة نَهْجِي مـَفْهُومْ *** مَا يُسَوّلْ عَنْ ثَبَاتِي
كِنْتْ اسْبَاعِي يَامِسْ واليُومْ *** ظَاهِرْلِي عَنّي بُوسَاتِي
كما شارك زميلنا الشاعر عبد اللطيف ولد يعقوب ب"كاف " خلص فيه إلى أن الرجلين هما وجهان لعملة واحدة:
عسك من تكطرلك دمع .. من مشيت يالمورتان
عزيز انت تعرف عن ع..زيز أ غزوان سيان
كما علقت "اتلانتيك ميديا" ب"كاف " :سياسي خالص :
معارضتن "فكريز" ..ومن المرشحين اتعان
وامّ ذاك أرشح عزيز ..هو مرشح غزواني
كما كتب أو عزم أحد المدونين على كتابة مقال "متفلفش" يفصل فيه تحليلا سياسيا مملا عن اللحظة السياسية الحالية وكان عنوانه "موريتانيا من العين إلى الغين"، لكنه لم يجد وقتا كافيا لكتابته بعد.
وكتب أحد المدونين أن المكتبة الموريتانية ستزدان قريبا بكتب جديدة من أمثال : غزواني أسطورة الصمت في القرن الواحد والعشرين
ـ حاشية "الدفران" في الفرق ما بين عزيز وغزوان
ـ التصفاك العلواني في تزكية ول الغزواني
ويبدو ذلك كل ما خف وزنه وقصرت عبارته عن هذا الحدث، وفق سياسة السرقة المحترفة.