
من الملاحظ أنه في ظل التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة غاب الحديث عن الصحافة ومشاكلها وما تعانيه الصحافة الورقية والمطبعة الوطنية من خرجات المترشحين للرئاسة.
حيث تحتاج الصحافة اليوم لكثير من الحديث والتناول، أكثر من حاجتها للدعوة لبعض الوجبات والأكل في ندوات فاخرة وفي فنادق فخمة فليس ذلك باعثا لها من سباتها العميق، بل هي أحوج إلى الدعم المادي والمعنوي.
إنما تعانيه الصحافة الورقية من واقع مزر حتى أصبحت ميتة، رغم أنها هي عماد الصحافة وأقدمها وهي مهد الديمقراطية وبداية الوعي والثقافة.
إنه من المؤسف لدينا كصحافة أننا لم نسمع حتى الآن أيا من المترشحين يتحدث عن مشاكل المطبعة الوطنية وعمالها الذين لم يتقاضوا راتبا منذ فترة، أو عن معاناة الصحافة وبالأخص الصحافة الورقية التي أصبحت تموت موتا سريرا أمام أعين الجميع ولا أحد يحرك ساكنا.
أما الصحافة الالكترونية فحدث ولاحرج، فاصبح بوسع اي أحد أن يفتتح صفحة ويكتب ما شاء ويطلق عليه اسم صحفي.
أما دعوة الصحافة للجلوس في الفنادق الفخمة ومنح الكلام لكل من هب ودب وتصوير تلك المشاهد، فهي أمور لاتقدم ولا تؤخر ولا تجلب الأصوات لأي مترشح ولا لن تساهم في حل مشاكل الصحافة.
فليس من بين المترشحين من يجهل مشاكل الصحافة فهم ما بين مسؤول سابق في هرم السلطة أو معارض على اطلاع بابعاد الساحة السياسية والاعلامية، لكن أحدا منهم لم يذكر مشاكلا الصحافة في خرجاته الاعلامية.
إن الصحافة في موريتانيا تحتاج أكثر من أي شيء للعدالة، حيث يتم تفضيل بعض الصحافة على بعض في الندوات حسب الانتماءات السياسية، كما حدث في حفل العشاء الأخير الذي تم فيه تفضيل بعض الصحافة عل بضعهم بمقاعد تجعلهم مع المترشحين وتم تمييز بعضهم وإبرازهم كسياسيين، وتمت دعوة الصحافة للاطلاع على مشاكلهم في الحفل، رغم أن منظم الحفل أدرى هو وطاقمه الخاص بمشاكل الصحافة من الصحافة نفسها، وإنما تمت دعوتهم لتلميع صورته، حيث أصبح لكل مترشح صحافته الخاصة التي تستفيد من حملته ولا حظ لغيره فيها، وتنمتي للتيار الذي يدعمه، وأصبحت الصحافة ضحية هذه العلمية السياسية الجديدة.
وتساءل بعض المتابعين أين كان بعض المترشحين للرئاسيات الحالية، أيام تطبيق المادة 11 في نظام ولد الطايع، تلك المادة التي كانت تشرع سجن الصحفيين؟ وما هي وظيفتهم يومها؟
إننا لا ندافع عن النظام الحالي لكننا سنقول الحقيقة، فحتى وإن كان أصدر قرارا بعدم منح الاعلانات للصحافة من طرف مؤسسات الدولة، فهو محق في ذلك القرار، لأن الصحافة أصبحت أكثر عددا من أن تسعها الاعلانات، وأصبح لكل من هب ودب صفحة يصف فيها نفسه بالصحفي، ولدى النظام الحق في ما فعل، وقد سبق لنظام ولد عبد العزيز أن منح الصحافة مبالغ مالية ضخمة لتنظيم أيام تشاورية وتقديم دراسة وحلول لمشاكلهم، كما يتم منحهم مبلغ 200 مليون سنويا، لكن عدم تنظيم الصحافة والركون إلى الانتهازية أفسد حقيقة الدعم ومنعها الاستفادة، وأظهر أن الصحافة هي من أفسدت الصحافة، ولا يستطيع أن يصلحها غير الصحافة نفسها.
اتلانتيك ميديا