
تنتشر في الساحة السياسية والإعلامية المحلية منذ فترة وسائل دعائية غريبة على المجتمع الموريتاني المسلم المسالم وجديدة في حلبة التنافس و الصراعات السياسية، يتم بثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي الوسائل الاعلامية المختلفة.
حيث فتحت وسائل التواصل الاجتماعي بفعل الثورة التكنولوجية الحديثة؛ الباب واسعا أمام عامة الناس وخصوصا الخصوم السياسيين وأعطت الوصاية للإعلاميين ومستخدمي هذه المنصات لبث كلما أنتج الفكر البدوي العابث والمتخبط في مستجدات الحضارة، ما أنتج خليطا من مساوء الحضارة وسلبيات البداوة.
حتى بات تسجيل المكلمات ونقل المحادثات الخصوصية عن سياقاتها الأصلية شائعا بين الناس، وأصبح لبعض السياسيين مقلدين للأصوات محترفين يحسنون محاكاة الأصوات، ويستخدمونها في أغراضهم الخاصة، وأصبح التصنت والتجسس على المكالمات وعلى اللقاءات الخاصة وإعادة نشرها في مواقع التواصل الاجتماعي أمرا مألوفا، حيث يتم توظيفها في اتجاهات سياسية مقابل عطايا محددة والدفاع بها عن التوجه ومحاسبة الخصوم من خلالها.
كما شاع فبركة الصورة والمكالمات والفيديوهات من خلال برامج متطورة تقنيا، مخصصة لذلك لتشويه سمعة سمعة الخصوم السياسيين والمتصارعين، ونالت هذه الوسائل مكانة كبيرة في حضن الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي واحتضنتها السياسية، الأمر الذي انعكس سلبا على القيم وقضى على الأخلاق ومضى الناس يتباهون بقدراتهم على ذلك.
هذه الوسائل الجديدة والغريبة على المجتمع والمنافية لتعاليم الدين، ففي نص القرءان الكريم : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ ) .
وقوله تعالى: : {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} صدق الله .. وقوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث التي تحرم انتهاك الخصوصيات وإباحة أعراض الناس.
وحسب بعض المراقبين للشأن السياسي فإنه مما أفشل نظام ولد هيداله اعتباره لما ينقل إليه من كلام ومن نميمة وتجسس عن المسؤولين ورجال الدولة.
إنه على الدولة الموريتانية والسلطات العليا أن تبادر في أخذ الحيطة في تجريم هذه الأفعال السيئة المروجة للشر والانفلات من المثل والاخلاق والتي أصبحت تهدد بنية المجتمع وتنذر بتفكيك الأسر وجر الخصومات والعداءات بين الأخوة، وباتت خطرا يعم بين الناس، وهو أمر محرم في الدين الإسلامي وينافي القانون، فعليها أن تضع قوانين صارمة لحماية الخصوصيات الفردية وحماية أعراض الناس، فأعراض الناس أولى بالحفظ وأولى بالحماية من طرف القانون، فهي ليست دون محاربة العبودية وخطابات الكراهية.
وإذا كان أمن الدولة يملك الحق في التصنت لخصوصيات الناس، من أجل حماية المواطنين وحماية الدولة وفق ما تقتضيه مسؤولية حفظ الأمن، فإنه لايسمح لغيره في تناول الخصوصيات ولا في نشرها.
وهنا نتساءل أين الأئمة والعلماء والهيأة العليا للفتوى والمظالم وأهل الحق مما يجري في دولة أصبحت على شفا الضياع والهلاك، دولة عرفت في الشرق والغرب بالاسلام والقرءان والفقه، تنتهك فيها أعراض الناس صباحا ومساء، ولا أحد ينطق بكلمة في الموضوع؟
إنه على الدولة أن تتحمل مسؤولية كل ما تخلفه هذه التسجيلات والفبركة التي تتم بين المسؤولين والناشطين السياسيين وبين عامة الناس كوسيلة للثأر والسخرية ومختلف الأغراض.
محمد سالم ولد هيبه