أجواء ومظاهر رمضان في حياة الناس

ما إن بدأ الشهر الكريم يطرق أبواب الحياة، حتى دخل الناس في أجواء دينية خالصة، و انعكس حضور الشهر في السوق وفي المساجد وفي الساحة العامة، وتحولت العاصمة نواكشوط إلى عمل في النهار وعبادة في الليل. وقد انطبعت أيام رمضان بمظاهر العبادة، وتجلى ذلك في تعدد الدروس الفقهية في المساجد وفي منابر الإعلام متناولة أحكام الصوم، وحيثياته، كما كان لصوت الطبيب حضورا كبيرا في تلك المنابر ومع بداية شهر رمضان المبارك تتغير طبيعة الموائد الغذائية في البيت الموريتاني، وتظهر أطباق جديدة ووجبات خفيفة. فعند الإفطار يتم تقديم مائدة من الشراب والتمر وبعض المحشيات والحساء المصنوع من الخضروات أو الفواكه أو من الحبوب كالزرع والقمح وغيرهما.

وتجتهد الفتيات على محاكاة ما يشاهدونه في القنوات العالمية من وجبات خفيفة، مما يفتح شهية الصائم ويزيد من رغبته في الأكل، فيخلطون عدة خلطات من القمح والبيض وبعض المصلحات بألوان عدة مختلفة وزاهية.

وبعد مائدة الإفطار وشراب كؤوس من الشاي يتم تقديم وجبة أخرى تختلف من بيت لآخر وفي الغالب تكون عبارة عن بعض "البطاطس المقلي مع اللحم والصلات" مع الخبز.

وبعد منتصف الليل هناك وجبة ثانية هي بمثابة "عشاء " الصائم، وغالبا ما تكون من الأرز واللحم أو الكسكس واللحم أو المعكرونة، وبعد هذه الوجبة يخلد بعض الصائمين للنوم وبعضهم بغية الاستيقاظ باكرا ليوم من العمل، وبعضهم يفضل شراب الشاي ومواصلة ليله. ويختم الصائم ليلته بوجبة السحور التي حث عليها الحديث فهي بركة كما وصفها، وتكون خفيفة تتكون من بعض السوائل النشويات واللبن وبعض الناس يختصر فيها على شربة فقط.

وما إن يدب الظلام حتى تتعالى أصوات المؤذنين، وتتحول العاصمة نواكشوط إلى مئذنة للقران والتلاوة ويخرج الناس إلى المساجد لحضور الصلاة المكتوبة، وصلاة التراويح، متجهين نحو العبادة بإيمان وحماس، ويتبعون قارئ القرءان يسجدون ويصلون ويشفعون الصلاة بالنوافل.

وبعد الصلاة يذهب الناس للرياضة كبارا وصغارا، فتمتلئ شوارع العاصمة بوفود الناس مابين جماعة راجلة وفرادى، فترى صفوف الناس في الساحات العمومية وكأن الناس في عيد تغمرهم السعادة والفرح بأجواء الشهر الكريم، ويحتضنهم الأمن والسكينة، في ليال رمضانية عبقة بنسمات الأيمان والتقرب إلى الله.

موقف الديني

‎يرى الفقيه محمدن / الدا وهو إمام مسجد وشيخ محظرة في تيارت أن الكثير من الصائمين يتجاهلون الضوابط الشرعية التي حددتها الشريعة الإسلامية والمتعلقة بالإسراف حيث أمر الله تعالى في محكم كتابه بالأكل والشرب ونهى عن الإسراف (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لايحب المسرفين)، ورُوي عنه صلى الله عليه وسلم قوله “نحن قوم لا نأكل إلا اذا جعنا، وإذا أكلنا لا نشبع”، وفي ذلك مافيه من معاني التخفيف وعدم الإسراف في الأكل والشرب. ‎ويضيف الفقيه : أن “الإسراف والتبذير” صفتان مذمومتان ومنهي عنهما في رمضان وفي غير رمضان، إذ يقول الله تعالى في شأن المُبذّرين (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) وروي كذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله (ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه)، لذلك ينبغي على الصائمين عدم الإكثار من الطعام وعدم التبذير في شهر رمضان، لأنهم بهذا يوفرون قوة للعبادة تمكنهم من جعل أعمال رمضان خفيفة على الأبدان، ثقيلة في الميزان.

‎الرأي الطبي

‎يرى د. محمد عبد الرحمن/ الطلبه (الخميني) الطبيب العام في عيادة الشفاء في نواكشوط أنه ينبغي للصائمين في الشهر الكريم الابتعاد عن العادات الغذائية غير الصحية إذ ليس ضروريا أن يتناول الصائم 3 وجبات كما كان يفعل يوميا قبل رمضان، وعدم المبالغة والإسراف في تناول أنواع الوجبات والمشروبات، لأن ذلك يشكل خطراً على الصائمين، وقد يسبب بعض أمراض المعدة المعروفة كالتخمة، والحموضة وغيرهما.

‎وينصح الطبيب الصائمين بالتركيز أثناء الإفطار على تناول التمور والسوائل (الماء – الحساء – الشوربة)، والتركيز على ممارسة الرياضة لإنقاص الوزن.

‎ويرى الطبيب أن مائدتيْ الإفطار والسحور يجب أن تحويا الأصناف التالية دون إسراف أو مبالغة : ‎1- الإفطار: الفواكه – التمر – اللحوم (الدجاج أو السمك) – أو الشوربة أو الحريرة – الخضار المطبوخ.

‎2- السحور : منتجات الحبوب (الخبز – الأرز -البقول – العدس) وكذا الحليب.

وقد البس رمضان مدينة نواكشوط حلية دينية ناصعة، قلبت ليل الناس إلى حياة جديدة، تبدأ بالعبادة ومائدة إفطار، وتنهي بوجبة السحور المباركة، وصلاة الصبح المكتوبة، وأضحى يومهم يوم عمل وهدوء. لقد كانت ليال وأيام آمنين، عشر ليال قرآنية وعملية وصحية، مرت بسرعة، وعاش خلالها المواطنون في العاصمة نواكشوط لحظات نادرة من السمو الروحي والطهر في أثواب شهر الرحمة والغفران والتسامح.

 

جمعة, 24/05/2019 - 18:30

          ​