اعتبر محمد سالم ولد الهيبه، رئيس مجموعة "أتلانتيك ميديا" الإعلامية، أن الحوار الجاري بين أقطاب المشهد السياسي الموريتانيي "ولد ميتا"؛ مبرزا أن الطبقة السياسية؛ في غالبيتها؛ "سواء في المعارضة أو في الموالاة لا تسعى لمصالح الوطن العليا ولا تبحث عن آليات للتخفيف من هموم المواطن وانشغالاته، ولا عن ضمانات الشفافية والتناوب الديمقراطي على السلطة، ولا عن أسس التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلد"؛ وفق تعبيره.
وأضاف ولد الهيبة؛ في تصريح صحفي؛ أن "معظم مكونات الموالاة التي ترفع شعارات زائفة لإظهار الدعم لرئيس الجمهورية وبرنامجه السياسي ورؤيته الوطنية حول تنمية البلاد؛ لا هم لها ـ في الواقع ـ سوى إطالة أمد الصراعات العقيمة داخل صفوفها من جهة، وبين السلطة وعامة الشعب؛ حفاظا على مصالح آنية ضيقة وشخصية"؛ معتبرا ـ في ذات الوقت ـ أن "الجزء الأكبر من واجهة المعارضة الحالية يضم قوى سياسية مصممة على إعادة البلد إلى واقع مأساوي هي التي أوجدته في الماضي، حين كانت مستحكمة في مفاصل الدولة ومسيطرة على شؤونها العامة". وقال إن "الحوار الحالي ليس إلا حلقة جديدة في مسلسل من الخداع ومغالطة الرأي العام الوطني، ألفته وأخرجته جماعة لا تريد لموريتانيا أن تتقدم ولا تريد لشعبها أن ينعم بالحرية والأمن والاستقرار والنماء؛ وتعمل جاهدة على إجهاض أي مسعى جدي في هذا الاتجاه؛ لأنها تعلم يقينا أن وجودها مرهون ببقاء الاغلبية الساحقة من الشعب على الهامش، ومصيرها مرتبط بانعدام الشفافية والعدالة والمساواة".
وتساءل رئيس مجموعة "أتلانتيك ميديا" الإعلامية: " كيف يعقل أن يكون كل استحقاق انتخابي مشروطا بحوار سياسي؟.. على ماذا يتم الحوار مادام لدينا رئيس منتخب باعتراف الجميع، وبتزكية صناديق الاقتراع، بإشراف حكومة وحدة وطنية يسيطر معارضوه على أغلب الوزارات فيها، ويحتلون حقائبها الأساسية؛ ولدينا لجنة انتخابية عينتها أطراف الحوار الوطني ومنحت لها كافة ظروف الاستقلالية والحياد؟.. كيف يطالب بعض السياسيين رئيسا منتخبا يملك شرعية صناديق الاقتراع وشرعية الدستور بتشكيل حكومة بمشاركة خصومه السياسيين الذين ينافسونه في الانتخابات، وقبل الانتخابات وبعدها؟".
وأكد على أن هناك الكثير من الأمثلة على غياب المبدئية لدى غالبية السياسيين في المعارضة والموالاة على حد سواء؛ مستشهدا بحالات ماثلة "تعبر عن نفسها بنفسها".. وأوضح في هذا السياق أن الموريتانيين يرون اليوم شخصيات سياسية في الواجهة وهي تنتقد نظام الرئيس ولد عبد العزيز وتتقدم فريق المعارضة الذي يتحاور مع الموالاة، مثل "رئيس حزب عادل، يحيى ولد أحمد الوقف الذي كان ضمن وفد الموالاة في حوار 2011 مع أحزاب المعاهدة، ومثل رئيس حزب حركة التجديد كان حاميدو بابا، الذي حاور المعارضة أيضا باسم النظام.. كيف انقلبت قناعات هؤلاء إلى نقيضها تماما؟"؛ مبرزا أن الامر ذاته ينطبق ـ أيضا ـ على الكثيرين في الموالاة؛ حيث "رأينا وسمعنا مسؤولين في الحزب الحاكم وفي أحزاب الموالاة الأخرى وهم يضربون الطاولة ويصرخون في وجه الرأي العام بأنهم لا يقبلون بأي حوار يبحث في تاريخ الانتخابات الرئاسية أو يطرح مسألة الحكومة الموسعة ضمن جدول الأعمال؛ ويقسمون بكل الأيمان المغلظة على أن هناك خطوطا حمراء لا يمكن الاقتراب منها.. ثم نراهم اليوم يتصنعون الابتسامات ويعانقون من يرفضون تلك الخطوط الحمراء ويكفرون بالموالاة وبما وراءها، ثم يجلسون معهم جنبا إلى جنب لنقاش كل الأمور دون استثناء"، حسب تحليله.
وخلص إلى أن غياب زعيم المعارضة، أحمد ولد داداه، ورئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود، "أبلغ برهان على عدم جدية هذا الحوار، وعلى حتمية فشله، حتى قبل أن يبدأ؛ رغم جدية الرئيس ولد عبد العزيز والوزير الأول مولاي ولد محمد لقظف وحكومته في سعيهم الصادق للوصول إلى انتخابات رئاسية نزيهة وحرة وشفافة وتوافقية".
واعتبر ولد الهيبه أن "كل هذه الأمثلة والمعطيات الماثلة أمام مرأى ومسمع من الجميع، تثبت زيف الخطاب السياسي لدى معظم قيادات الطبقة السياسية الموريتانية بيمينها ويسارها وما بينهما؛ في المعارضة وفي الموالاة؛ وتؤكد أنها طبقة مفلسة تماما"؛ على حد وصفه.
وأبرز ولد هيبه أن الضحية في صراع السياسيين هو المواطن الموريتاني الضعيف الذي بدأ يستفيد من الدولة في عهد ولد عبد العزيز، من خلال فتح الفرص أمامه في الحصول على قوت يومه بأسعار مخفضة ومنحه القطع الأرضية المستصلحة بعد أن عانى طيلة العهود الماضية من خلال الجلوس في الكزرات وأكواخ الصفيح. في المقابل، اعتبر محمد سالم ولد الهيبه أن "المؤسسة العسكرية الوطنية هي الجهة الوحيدة المتماسكة في البلد، وهي ـ وحدها ـ المؤمنة بالوطن الموريتاني، والحريصة على أمنه واستقراره، وسلامة مواطنيه"؛ مشيرا إلى أن روح الوطنية العالية التي يتحلى بها قادة وأفراد المؤسسة العسكرية أبقت صراعات السياسيين العقيمة وتجاذباتهم الهدامة ضمن حيز ضيق بعيدا عن المصالح العليا للأمة، وخارج دائرة الإضرار بأمن البلد ووحدة شعبه وانسجام نسيجه الاجتماعي؛ رغم كل محاولات البعض للنيل من تلك الأسس والثوابت الوطنية المقدسة".
من الارشيف