حديثنا سيكون منصبا على مختلف حيثيات الموضوع ذي الشعب المختلفة والمتباينة ’ فليس ثمة إجماع على وصفة ثابتة للديمقراطية هذه الكلمة التي يعشقها كل إنسان ’ كما أنه ليس لها تعريف يمكن اختزاله ’ فهنالك أنواع شتى من الديمقراطيات على سبيل المثال لا الحصر : الديمقراطية السياسية والاقتصادية الخ فهي إذن مفهوم وواقع ونظام حكم متطور وصلت إليه البشرية لتنظيم شؤونها ’ لكنها في المقابل نظام متبدل ومتغير حسب الظروف والحقب وإذا ما حاولنا تعريفها ’ فهي نظام سياسي واجتماعي وثقافي مركب ومعقد ’ نظرا لتعقد الحياة البشرية ’ لأنها تعني حكم الشعب بنفسه ممثلا في البرلمان أو الدوائر الانتخابية’ فتكريس ثقافة الديمقراطية وترويجها يعتبران أمرين حيويين لا مناص منهما فلا يكفي فقط تلقين الديمقراطية للشعوب ـ حتى نكون ديمقراطيين ـ باعتبار أن الشعوب لا تقتات على الخبز وحده كما يقال ’ وإنما يتطلب الأمر تعريفهم بمقوماتها الضرورية والتي بغيابها تفتقد قيمتها ونكهتها ’ ومن هذه المقومات : الفصل بين السلط التنفيذية والتشريعية والقضائية ’ ولهذا لا يمكن تصور أي ديمقراطية دون الأخذ بهذه المقومات ’ بل لا يمكن تطويرها إلا عبر تفاعلها على الصعيد السياسي والاجتماعي .
ولى وطن آليت ألا أبيعه : و ألا أري غيري له الدهر مالكا
هكذا هو شأن المواطنة التي إن لم تسعفها الدولة وتعطها حقها فقد تتحول بفعل الظلم وكافة تمظهرات اللاعدالة إلى حالة الاغتراب الماركسي ة فالعدل أساس الملك و به تقوم الدول وتزدهر ’و بزواله تفنى الدول ويسومها العذاب والخراب والدمار مهما بلغت من التقدم والازدهار فهي آيلة إلى الانحطاط ’ ورجوعا إلى الوراء نقول إن الدولة التي تغيب فيها السيادة مآلها الزوال لا قدر الله ’ فالسيادة إذن المصدر الذي تستمد منه السلطة السياسية مشروعيتها ’ فهنالك علاقة جدلية بين سلطة الدولة والسيادة فهذه الأخيرة تحيل إلى الهيمنة والتحكم و بها يتقوم كيان الدولة انطولوجيا ’ وكما يطرح إشكال السيادة الاستقلال الذاتي في اتخاذ القرارات بعيدا عن أي أثر أو تأثير خارجي إلا أنه في ظل تنامي العلاقات الدولية وبروز ظاهرة العولمة الاقتصادية والسياسية يواجه المجتمع في سيادته تحديات جمة ظهر هذا مع تشكل القانون الدولي وان بدت دولة ما لا محدودة السيادة ’ إلا أن الاتفاقيات الدولية التي نشأ عنها القانون الدولي والمؤسسات الدولية الحقوقية جعلت من مفهوم السيادة الوطنية موضوعا للمساءلة وإعادة التأسيس ’ وهو ما تولد عنه مجموعة من التساؤلات ـ نترك حل طلاسمها للقارئ الكريم بغية التأمل والتفكير ـ فبأي معنى تتحدد السيادة كمصدر للمشروعية والمعقولية الممارساتية للسياسة أصلا ؟ وضمن أية شروط ومقتضيات أخلاقية وواقعية يمكن للسيادة أن تكون ضمانا لتوفر شروط عيش مشترك يحقق كونية الوجود الانسانى الضائع بفعل بطش الجلاد وقاهري الإرادة البشرية ؟؟
والسلام على من اتبع الهدى ونهى النفس الأمارة بالسوء عنى الغوي
ذ ـ السيد ولد صمب أنجاي