الحلقة المفقودة من المسؤولية بقلم : أحمد محمد عبد العزيز

إذا كان ألم الجرح الغائر يخفف عن صاحبه  ولو يسيرا، فإن جراحنا ماتفتأ تزداد عمقا وألما، فما إن نواري  جماعة من ضحايا حوادث السير في أجداثهم حتى نبدأ بجماعة أخرى؛ وكأن قدرنا أن نموت كلنا بحوادث السير!

من المسؤول عن كل هذه الأرواح؟

الأكيد في الأمر أن للمسؤولية أطرافا متعددة ولكل واحد من الأطراف_ مهما قلٌَ_ نصيب لا يستهان به.

حين تسأل أي شخص عن الأطراف المسؤولة سيجيب على الفور _  وبدون تلعثم _ الدولة والسائقون ويشبعهم شتمية ولوما وهما يستحقان؛ لكن ... هل هذا كاف؟  ألم يبق طرف آخر يتحمل جزءا لا بأس به من المسؤولية؟

نعم...الركاب يتحملون مسؤولية كبيرة، ويتجلى ذلك أولا في القدسية التي يضفونها على السائق  ،فالسائقون عندهم يحظون بمرتبة مادون التنبي فهم الآمرون والناهون، لا يستطيع أحد أن يخالف لهم أمرا،  فكأنهم ينشدون فيهم قول المختار بن بونا:(أجل ذا العصر قدرا دون أدنانا)،.ينطلق الواحد منهم بالسرعة التي يمليها عليه الموقف، فتارة يكون بينه وبين أقرانه سباقٌ، وتارة من الجشع، والغريب أن الركاب لن يحركوا ساكنا، بل سيتفرجون على هذا السباق أو هذا الجشع بكل وقاحة  ولا يكلفون أنفسهم عناء تغيير هذا المنكر ولو بألسنتهم! بالمقابل تجدهم أحيانا يدافعون باستماتة عن السائق  حتى حين يكون ظالما، فيسلقون خصمه بألسنة حداد...

خلاصة القول أن الأزمة أعمق من أن تحصر فقط في الدولة والسائقين، فالشعب - نتيجة قلة الوعي- يتحمل جزءا من المسؤولية، فلو أن ركاب أحد الباصات اعترضوا على أحد السائقين المتهورين، وقالوا بصوت واحد: فق هاهنا، أو سرْ بنا بسرعة80كلمتر للساعة لما وصلنا إلى مازوصلنا إليه من الاستهتار بالأرواح.

حين يعي المواطنون مسؤوليتهم، فالكل هين، فلنبدأ بالتوعية أولا..
أحمد محمد عبد العزيز، الملقب(ابَّين)
أستاذ وباحث

أربعاء, 25/12/2019 - 23:24

          ​