حان الوقت لوقف ختان الفتيات/لؤي شبانة

قبل بضعة أسابيع، ذكرت زوجتي أن ملك، ابنة البواب، ذات العشر سنوات، خائفة لأن والديها قررا إخضاعها لممارسة تشويه الأعضاء التناسلية "الختان". وكمتخصص يعمل في منظمة تعارض جميع أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما يشمل تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، فقد شعرت بالانزعاج عند سماعي قصة ملك، وقررت التحدث إلى والديها، جمعة وفاطمة. وهما مثال الآلاف، إن لم يكن الملايين، من الأزواج الذين يعتقدون أن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية ضروري لتأمين مستقبل بناتهم وحمايتهن. لم يطل الحديث مع جمعة وفاطمة. فهما مثل العديد من الأزواج في العالم العربي وآسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا، يؤمنان أن هذه الممارسة الضارة هي ممارسة دينية.

النقاش مع جمعة وزوجته مثّل ضغطا على قناعاتي الشخصية. وبينما كنت أحاول إقناعهما بأضرار تلك الممارسة، حاولت جمع ما يكفي من الأدلة والمعلومات ذات الصلة لإقناعهما والتأثير على آرائهما.

في مجال عملي، لا جدال في أن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية ممارسة ضارة لها العديد من التداعيات النفسية والجسدية. ولكن الأمر يختلف تمامًا عند مناقشته مع زوجين لم يكملا تعليمهما الثانوي. واضطررت للبحث عن المعلومات والبيانات التي يمكن أن يتردد صداها لديهما.

رفض جمعة التسليم بأن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية ممارسة تسبق الإسلام والمسيحية. ولم يهتم بالاستماع إلى النتائج العلمية. وتشاركت معه حقائق بسيطة حول أصول هذه الممارسة فتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية ممارسة قديمة؛ وجدت بوجود أهرامات الجيزة. وقد تتبع الباحثون أصول تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية إلى وادي النيل، وخاصة مصر والسودان، في القرن الخامس قبل الميلاد، وبالتحديد الساحل الغربي للبحر الأحمر.

والدا ملك ليسا الوحيدين. إذ يعتقد الناس في العديد من الثقافات أن هذه الممارسة تساعد المراهقات على الامتناع عن ممارسة الجنس قبل الزواج ومكافحة أي رغبات متعلقة بالشهوة لديهن. إنها أسطورة، ثبت خطؤها مراراً وتكراراً.

فتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية لا يحمي المراهقات من أي شيء. والشيء الذي قد يحدث هو أنه يعرضهن لصدمة يمكن أن تستمر مدى الحياة تماماً كما في حالة السيدة أفراح أحمد، التي شاركت العالم قصتها بشجاعة خلال مؤتمر قمة نيروبي في أواخر العام الماضي.

أفراح وهي ناجية من تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية فرت من بلدها الأم، الصومال وطلبت اللجوء في أيرلندا – أصبحت ناشطة تكرس قصتها الشخصية في الكفاح من أجل وضع حد لهذه الممارسة الضارة.

إن العالم مليء بقصص مثل قصة ملك ذات العشر سنوات، والتي لا تستطيع التحدث أو اتخاذ قرار بنفسها، والسيدة أحمد التي تستخدم صوتها للتحدث نيابة عن جميع النساء الأخريات. ومع ذلك، تبقى حقيقة واحدة: الممارسة العنيفة ليس لها أي تأثير إيجابي.

فالتعليم، والمعلومات ذات الصلة، والحصول على المعرفة، والفهم الأفضل لحقوق المرء الصحية والإنجابية هي التي تحدث فرقا بالنسبة للفتيات والنساء. وتمكنهن من اتخاذ الخيارات الصحيحة فيما يتعلق بأجسادهن.

من الصعب تحمل أن 92٪ من النساء والفتيات اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 سنة قد خضعن لشكل من أشكال تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في مصر و88٪ في السودان و93٪ في جيبوتي و98٪ في الصومال ويستمر تعرض ملايين النساء للممارسات القبيحة والمحفوفة بالمخاطر التي تبناها أناس ماتوا قبل أكثر من 7 آلاف سنة.

وينبغي لنا، كآباء وقادة مجتمعيين، أن نلاحظ أن تشويه الأعضاء الجنسية الحساسة للفتاة جريمة تتناقض مع شرف طبيعتها وتشوه أنوثتها. وعلينا أن نعلم مجتمعاتنا المحلية أن ذلك يشكل أيضا انتهاكا لحقوقها الإنسانية الأساسية. وعلينا أن ننهض ونحمي تلك الحقوق.

وهناك من لا زالوا يستفيدون ممن هم أقل تعليماً في تحقيق مكاسب مالية، وهو أمر شائع جداً في حالة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية. فهناك أشخاص في المهن الطبية يقومون بذلك. وينبغي التركيز وتعزيز الالتزام بشرف وأخلاقيات المهنيين الطبيين لمكافحة جميع أشكال إضفاء الطابع الطبي على تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية.

أولئك الذين يدافعون عن ختان الفتيات باستخدام الدين يجب أن يتذكروا أن الفتيات، مثلهن مثل جميع البشر، خلقهن الله في أحسن صورة، وأنه ليس من الضروري أو الموضوعي تشويه أجسادهن، ومن غير المقبول إلى حد كبير التدخل في أعمال خالقنا. فالقرآن الكريم يقول: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم (4)". سورة التين آية 4.

إن صندوق الأمم المتحدة للسكان، هو منظمة الأمم المتحدة المسؤولة عن كفالة تمتع جميع الناس: الرجال والنساء والفتيان والفتيات، بحقوقهم الإنجابية، ولديه خطة استراتيجية للقضاء على أي عنف قائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية وزواج الأطفال.

ونحن ملتزمون ببناء أمم لا تتسامح مطلقا مع تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية. ونعتقد أن مكافحة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية مسؤولية تقع على عاتق الجميع في كل المجتمعات المحلية؛ وأن الصمت على تلك الممارسة ليس خيارا لأي شخص. وأن القضاء على تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية هو معركة متعددة الأبعاد لها معايير قانونية وتعليمية واجتماعية والتزامات طبية يجب الوفاء بها، ولها فريق من أصحاب المصلحة المتعددين يضم الحكومات وقادة المجتمع والزعماء الدينيين والمهنيين بدعم من وكالات الأمم المتحدة والعاملين في مجال التنمية الدولية.

خميس, 06/02/2020 - 14:26

          ​