شهدت موريتانيا مؤخرا ظهور فوضى تحررية واسعة تجسدت في الإساءة للمقدسات الدينية، والاعتراف بدعم العلمانية والمناداة بحرية المعتقد في صفوف بعض الحقوقيين والمتحررين، وظهور جماعات تخلط بين آرائها السياسية ومعتقدها، في بلد يوثق بأنه مسلم بالجملة والتفصيل.
ووفق المتابعين للساحة السياسية والاعلامية فإن مرد هذه الفوضى هو منح حريات مطلقة في عدة أوساط اجتماعية بعضها مفتون بالثقافة والحضارة الغربية، ما نتج عنه ظهور جماعة تنشد الحرية بلا ضوابط ولا حدود دون احترام مقدسات الاسلام ولا الخطوط الحمراء للدولة، وذلك تزامنا مع تفاقم سطوة النظرة المادية وضعف المؤسسات الدينية، رغم ما منحتها الدولة من دعم مادي ومعنوي؛ عن تقديم بديل ثقافي يحمي الانسان المسلم من الانجراف في موجة الثورة التكنلوجية والعولمة التي تغزو العالم اليوم،، إلى جانب غياب وتغييب الاعلام الحر القادر على توظيف الحرية بما يخدم الوطن والأمة بخير.
ويرى بعض المراقبين أن هذه الفوضى هي وليدة سياسات حكومة الوزير الأول السابق يحي ولد حدمين، الذي بدأت معه مرحلة تكميم افواه الصحافة المستقلة ومنعها من الاستفادة من أي مؤسسة عمومية، وهو الذي صنع وجماعته صحافة فوضوية وأرخى العنان لدعاة الفتن في دخول حلبة الصراع، حيث فتح ذلك الباب واسعا أمام الفوضويين ودعاة التحرر إلى الانفتاح على الغرب وجلب ثقافات ومواقف غريبة على المجتمع المسلم المسالم، وظهرت فوكلات مزيفة ومزورة وتسجيلات تقلد شخصيات سياسية، خدمة لمسار سياسي محدد.
إن النظام اليوم مطالب أكثر من اي وقت مضى بالوقوف في وجه هذه الفوضى التي تسيء للإسلام، والتي أضحت تحتمي بالحرية وادعاء خدمة حقوق الانسان، وذلك عن طريق رد الاعتبار للاعلام الصحيح الذي يحترم الحقوق والحدود ولا يقبل بما يمس من القدسات الدينية والرموز الوطنية، حيث أن الحرية تقتل الحرية، ونطالب بمزيد من الحرية، لكن اي حرية تمس من الخطوط الحمراء للدولة هي حرية سلبية، فنحن دولة مسلمة واي حرية تمس من الدين الاسلامي هي حرية مرفوضة، ومن اراد أن يكون حقوقيا او يمارس حرية التعبير ويدعم الضعفاء، فليكن لكن عليه أن يحترم المقدسات، ولا يجعل من حرية الراي والتعبير طريقا نحو المس من الاسلام.
إن الحرية اليوم في موريتانيا زادت على حدها، واضحى كل من يملك صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي أو موقعا الكترونيا أو جريدة، ينظر إليه على أنه صحفي ويخدم الاعلام، فسادت الفوضى واختلط الحابل بالنابل، فعلى من يتسمى بالصحفي أو الاعلامي أن يعرف حق المعرفة أنه موريتاني مسلم قبل أن يكون صحفيا فلم يولد صحفيا ولا متحررا، بل ولد موريتانيا ومسلما، كما أنه من الملاحظ ومن الاخطاء الشائعة، أن يكتب بعض دعاة الصحافة عن تحويل مفوض من الشرطة، أو أن ضابطا من الجيش تم تحويله من مكان لآخر وهو خطأ كبير، وآخر يكتب أنه رأى رجلا أمنيا في مكان عمومي، فليس هذا من الصحافة في شيء، بل هي من اسرار أمن الدولة وليس أخبارا، ويجب أن يبتعد عن تناول كل من هب ودب.
كما أن المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة مطالبة بفرض تدريس مادة تسمى "موريتانيا قبل كل شيء"، يدرسها الجميع، فالاعلامي قبل أن يكون إعلاميا هو موريتاني الجنسية، وعليه أن يخدم وطنه بما يعود عليه بالنفع، وأن يبتعد عن خدمة الأجندات الخارجية، ولا يروج لها، ويبتعد عن إثارة ونقاش القضايا العالمية التي لا تتصل ببلده ولا تعنيه، وان يهتم بأمردينه ووطنه ويستثمر فيه كل طاقاته، خدمة للأجيال القادمة.
محمد سالم ولد هيبه