الخطاب المتطرف..منهك للمجهود الوطني / محمد عبد الله ولد سيدي

 في الموروث الشعبي تشتهر "خالدة الذكر السيدة : " تيبة " بانشغالها الدائم بإقامة سياج على الغربان (التزراب على الغربان ) ، يبدو أن هذه الفكرة ألهمت قادة حركة ايرا غير المرخصة وعاد زعيمهم بسياج حقوقي جديد ربما تم فتله خلال الفترة الطويلة التي أمضاها خارج البلاد ـ لظروف صحية كما قالت الحركة في العديد من المناسبات ـ ، وبمناسبة عودته لأرض الوطن لا يسعنا إلا أن نتمنى له الشفاء العاجل والتام من كل الأمراض الظاهرة والباطنة ، كما أنها مناسبة عظيمة لنذكر قادة الحركة أن "التزراب" على القضايا الحقوقية بات يشبه إلى حد كبير أفكار "تيبة ".

 في الواقع بات حري برئيس حركة ايرا "النائب الموقر بيرام الداه اعبيد" أن يغادر الخطاب الشرائحي ، وأن يتزن في تصريحاته المتشنجة لأكثر من عقد من الزمن ، دون أن يحقق ذلك الصراخ والتهويل مبتغى الحركة وأهدافها الخفية والمعلنة ، فلم تعد المطالب الحقوقية تحتاج إلى "حصان طروادة المطلي بالشعرات الزائفة" ، بل تحتاج إلى الصدق والهدوء وإعلاء قيم المواطنة والمساواة بين أبناء الشعب الواحد من خلال الانخراط في بناء الجمهورية على أسس العدل والديمقراطية وتكريس الحكامة الرشيدة ، الكفيلة بتوطيد الحقوق لكل المواطنين دون تميز أو محاباة . 

منذ وصول فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني للحكم فتح ذراعيه وصدره رحبا لكل القوى السياسية في البلاد واستمع إليها بكل إنصات واهتمام واعدا ومطمئننا على أن تجد كل قضية نصيبها من الاهتمام والحلول ، ومؤكدا في الوقت ذاته أنه رئيس للجميع وأولهم وأكثرهم أولوية الطبقات المغبونة وكل من يعاني التهميش والحرمان ، وقد وعد بذلك صادقا في برنامجه الانتخابي وجسده واقعا في ما مضى من عمر مأموريته الأولى ، فكل البرامج والمشاريع التي تم تنفيذها من طرف الحكومة استهدفت المناطق والسكان الأكثر حاجة إلى توفير الخِدمات والمساعدات العينية والمالية ، وقد تم ذلك بكل فاعلية وسرعة خلال فترة يعاني فيها العالم بأسره من أثار جائحة مدمرة .

 لقد أشاد الجميع واعترف بالجهود العظيمة والجبارة التي تبذلها الحكومة بتوجيهات من فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني من أجل الإسراع في تنفيذ برنامج "تعهداتي" الذي قدمه رئيس الجمهورية للشعب الموريتاني كعقد وطني تنطلق منه وتيرة الإصلاح والبناء والتنمية الشاملة ، وسيكون نشازا بدون شك أن يغرد النائب الموقر و"الرئيس غير المرخص" خارج سرب الإجماع الوطني . 

يفترض أن تكون لرجال السياسة في بلادنا مدونة أخلاقية تعلي قيم النبل والمهنية في التعاطي مع الشأن الوطني وتبتعد عن الإسراف في استدعاء التأزيم حين تنتفي أسبابه ومبرراته ، وكان من الجميل أن يعود النائب الموقر "ورئيس الحركة غير المرخصة " بعد غيبته الطويلة وفي قلبه الكثير من الحب والرأفة والشفقة على وطنه وشعبه بدل أن يطلق العنان لنفسه إرضاء لغوغائية غير واعية بخطورة التمادي في إنهاك الوطن بمثل هذه التصريحات والخطابات. 

أتمنى أن لا نشاهد النائب الموقر وهو يجلس وحيدا في " گـدح الرگ " ، فالجماهير حين تمل الكذب والخديعة تغادر بعنف شديد وتترك من خدعها جالسا على ناصية شارع مهجور يتأبط حقيبة سفره .

اثنين, 22/06/2020 - 09:15

          ​