إلى عهد قريب ظل الرأي العام الموريتاني يجمع على أن محمد ولد عبد العزيز ومحمد ولد الشيخ الغزواني سيظلان مستركين في ذات الإناء، ويأكلان بيد واحدة، وأن ما يجمعهما لن تغيره مستجدات ومستلزمات انتقال الحكم، إلا أنه أبى الدهر إلا أن تبقى من عادة الأيام قلب الحقائق، فما هي إلا عشية وضحاها، حتى تغيرت الموازين، وانقلبت الاعتبارات، وأضحى الرئيس السابق خصما للنظام الحالي ويتهرب من لقاء لجنة التحقيق البرلمانية، التي تبحث في قضايا الفساد خلال العشرية.
ويرجح المتابعين للساحة السياسية أن الخلافات بين ولد عبد العزيز وولد الغزواني قد بدأت منذ فعاليات حفل عيد الاستقلال الوطني سنة 2019 وما تبعها من تداعيات سياسية، كغياب ولد عبد العزيز عن حفل الاستقلال في انشيري، إضافة إلى ما أثارته قضية مرجعية الحزب الحاكم، واختلاف الآراء بين أيهما الأحق بمرجعية الحزب الحاكم هل هو الرئيس المنختب محمد ولد الشيخ الغزواني، أم الرئيس المؤسس للحزب محمد ولد عبد العزيز؟ ووفق مصادر مقربة من القصر فإن تدخل في شؤون لا تعنيه، وخصوصا ما أثير حول تشكيل حكومة ولد الشيخ الغزواني، بينما يرى المقربون من ولد عبد العزيز أن النظام بات يضايقه، وسحبت منه مرجعية حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الذي هو مؤسسه في الأصل. و أن ولد عبد العزيز هو الرئيس الفعلي للحزب والمؤسس الأول له، وسيظل مرجعية للحزب.
وحسب بعض المهتمين بالسياسة المحلية فإن بعض المقربين من ولد الشيخ الغزواني يحملون ولد عبد العزيز مسؤولية هذه القطيعة، التي تتأثر بجملة من الأحداث الحالية، ورغم أن اللجنة البرلمانية تحقق في ملفات حساسة في عهد النظام السابق، والحالي، إلا أن بعض المقربين من ولد عبد العزيز ، يتهمون عملها بأنها تستهدف ولد عبد العزيز بعملها، بينما يرى البعض الآخر أن اللجنة مستقلة ومنتخبة وأعضاء البرلمان الذين يعملون فيها منتخبون في عهد النظام السابق، ومهمتها هي الاستماع لآراء المتهمين، ولا تملك بعدا قانونيا يخولها محاكمة المسؤولين عن الفساد، وإنما تحيل تقارير لقاءاتها بهم للبرلمان، وبدوره البرلمان يحيلها إلى القضاء.
وبعد أن طوي ملف الصلح بين الرجلين، وما رافق ذلك من تحليلات سياسية وقرءات خاصة لما بين السطور، وبعد فشل جميع الوساطات والمبادرات الطامحة إلى إعادة العلاقة بين الرجلين إلى أصلها، إلا أن القطيعة التامة باتت تهيمن على العلاقة بين الرجلين.
بينما يرى المحسوبون على ولد عبد العزيز أن سياسية ولد الغزواني وطريقة تعامله مع الوقائع السياسية، غيرت مسار العلاقة بين الرجلين، بعد أن جمعتهما الصداقة والزمالة لفترة تزيد على عقد من الزمن.
ديدي أحمد سالم