أعطى جلالة الملك محمد السادس- في خضم جائحة كرونا-إشارات قوية لإثبات جدارة المملكة المغربية على مواجهة التحديات في ملحمة تتناغم فيها الإرادتان الملكية والشعبية. ومن بين هذه الإشارات نذكر استحداث صندوق للتضامن وإرسال المساعدات للدول الإفريقية لمكافحة كوفيد19، والحد من أخطاره الفتاكة.
لكن ما يؤسف له أن السيد رئيس الحكومة لا يملك لا رؤية واضحة ولا تصور مرحلي لإنعاش الاقتصاد المغربي، ولبعث الأمل في النفوس المكلومة. وعوض أن يأتي بحزمة من الإصلاحات مرفقة بغلاف مالي مناسب، استهدف مرة أخرى جيوب الموظفين بحرمانهم من ترقياتهم التي هي ثمار عرق جبينهم في أداء واجبهم الوطني.
فهل يعقل أن تحل الأزمة بتعويضات الموظفين؟ ألا يعطي هذا التصرف صورة سيئة عن المغرب، ويوحي لخصومه على وجه الخصوص أنه على شفا جرف هار؟ وفيما يلي بعض الملاحظات على هذا القرار المتعسف.
1-صدر عن رئيس الحكومة إبان بداية تفشي الوباء في المغرب، وهو ما خلق استياء لدى الموظفين لأنه لم يُتخذ قرارٌ مماثلٌ له حتى في البلدان الأكثر تخلفا أو الأكثر تضررا من وباء كرونا، وأحدث رعبا في نفوسهم بدعوى أن المغرب مقبل لا قدر الله على كارثة لا مثيل لها. عاينا في كثير من البلدان -على اختلاف درجاتها ومستوياتها-أن رؤساء الحكومات يجتهدون - وفق إمكانات بلدانهم ومؤهلاتها- لضخ مبالغ مالية حفاظا على التوازن الاقتصادي، وحرصا على تماسك النسيج الاجتماعي إلا رئيس حكومة المغرب الذي عجز لحد الآن عن بلورة تصور مرحلي لطمـأنة المغاربة جميعهم، وتفادي التداعيات السلبية للجائحة على مستواهم المعيشي.
2-اتخذ رئيس الحكومة هذا القرار في سياق انتشار كوفيد 19 وهو يتوقع أسوء السيناريوهات. وبفضل الإجراءات الاستباقية لجلالة الملك تجنب المغرب ولوج المنطقة الحرجة، واستطاع أن ينجو- بأقل الخسائر الممكنة- إلى بر الأمان. وهو ما يبطل قرار السيد الوزير الذي ارتأى أن يستغل الوضع الوبائي للإجهاز على مكتسبات الموظفين وحقوقهم المشروعة.
3- فاضل القرار بين الموظفين، ووضع تمييزا بينهم مخالفا مقتضيات الدستور. مع العلم أنهم كانوا يؤدون واجبهم المهني بانتظام سواء بالالتحاق بمعملهم أو إنجازه عن بعد. بالفعل، كان الأطباء والممرضون في الواجهة الأمامية مخاطرين بحياتهم، ومسترخصين أرواحهم. لكنه يستحسن في مثل هذه الحالة -تفاديا للميز بين الموظفين على أسس واهية- أن تخصص تعويضات عن المهام لمكافأة الموظفين بحسب مردوديتهم، وأدائهم المهني، وتواجدهم في المناطق الحرجة.
4- -مازالت عينة من ملفات الترقية عالقة منذ عام 2015، وهي تخص فئة من أساتذة التعليم العالي الذين مافتئوا من هذا التاريخ يعانون من تجميد وضعيتهم، وحرمانهم من السير الطبيعي للترقي وفق ما ينص عليه النظام الأساسي الخاص بهيئة الأساتذة الباحثين بالتعليم العالي ( 19 فبراير 1997). لذا كان على السيد الوزير أن يعالج مشكلة الترقية بمنظور شمولي سعيا إلى إعطاء لكل موظف حقه، وإلى حل المشاكل العالقة منذ سنوات.
عبد السلام يوسف
ناشط حقوقي