مسار الموظف، من الاكتشاف إلى الاحتراف / محمد سالم حبيب

يجب على كل القطاعات أن تتقاسم الخبرات والمعلومات، وتستفيد كل منها من تجارب الأخرى؛ فالحياة تكامل، ولايمكن أن تتقوقع كل إدارة على خططها واستراتيجياتها لوحدها، بل وينبغي أن تسعى للاستفادة من تجارب جميع الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية ككل.

وتحضرني في هذا السياق، تجربة مهمة، يجب أن نأخذ بها في مختلف مرافق الدولة تمكن من اكتشاف و تحديد مواهب وكفاءات موظفيها.

 وهي تجربة، تنبع من فكر، يقدر الربح والخسارة، ومن ثم فإنه يسعى لأكبر مردودية ممكنة لدى الأفراد.

أتعلمون ماهي تلك الجهة التى أقصد؟

وما العمل الاحترافي الذي تقوم به هذه الهيئة؟

 وقد نجحت فيه.

إنها "الاتحادية الدولية لكرة القدم".

وأما عن بعض  أنشطتها الاحترافية التي تقوم بها، والتي يجب إدماجها في مقارباتنا التسييرية، لضمان كفاءة مصادرنا البشرية، المسيرة لمختلف المرافق العمومية، أو على الأقل الصفوف القيادية الأولى منه؛ فهو على سبيل المثال لا الحصر:

 اعتمادها على فرق متخصصة تجوب مختلف البلدان، تتابع جميع الأنشطة الرياضية وبمختلف المستويات، وتراقبها عن كثب ومن موقف حيادي ومستقل دون علم المعنيين، وذلك لضمان اكتشاف الكفاءات والمواهب، بغية وضع اليد عليها، واستغلالها الاستغلال الأمثل بما يعود بالنفع على الجهة المشرفة بصورة خاصة، والقطاع الرياضي بصورة عامة.

الشيء ذاته، يمكن إتباعه في قطاعات الدولة عندنا، 

بواسطة مشرفين محلفين، يتوزعون على عواصم كل ولايات الوطن، لكل من هذه الجماعات قطاع خاص بها،  وإن كان قطاعا التعليم والصحة، ينبغي أن يكون على رأس تلك القطاعات.

إذ من المعلوم أن الكثير من الأدمغة والمواهب والكفاءات لهذين القطاعين الحيويين مطمور، ويتوزعون على مختلف أرجاء الوطن، بطريقة عشوائية، ونسعى بهذا النهج إلى اكتشاف هؤلاء، ليتبوأوا المكان القيادي المناسب، بعيدا عن ما عهدناه.

ويتم هذا العمل عن طريق تنظيم  ملتقيات أو ورشات أو ندوات، في مختلف مدن الوطن، تلزم مشاركة كل المعنيين.

ومن ذلك، الحرص على حرية التدخل وإبداء الرأي والمشاركات الفاعلة، بما يضمن أن يطرح كل ما عنده من بضاعة ورؤى وأفكار، خلاصتها كفيلة بإيضاح صاحب الرؤية الثاقبة من غيره، وانجلاء، ما كان من تلك الأطروحات غثا أو سمينا، متجاوزا أو وجيها.

لتتضح الخطوط العريضة لمخرجات العمل موضوع المؤتمر أو الورشة أو غير ذلك، هذا إضافة إلى وضوح أهم المساهمين الرئيسين فيه، وفي بلورة مخرجاته.

هؤلاء المساهمون الرئيسيون، يجب أن يكونوا محل تقدير وثقة ضمنية لدى الجهة المشرفة على مثل تلك الأعمال، والتي يجب أن تتضمن  تقاريرها الختامية عن هذه الأيام التفكيرية؛ النص على هؤلاء، بأسمائهم وبالخط العريض والحرف الغليظ في توصياتهم، وإيضاح من أبلى منهم بلاء حسنا، كل ذلك في رسائل سرية إلى المرفق المعني، لإنزال هذه الكفاءات - التي أبانت عنها مثل هذه اللقاءات المباشرة - المنزلة المناسبة والصحيحة، بما يخدم  إدارتهم المشغلة بصورة خاصة، وما سينعكس من ذلك على بناء الوطن من خلال أبنائه البررة المخلصين أصحاب الكفاءات، بصورة عامة. فتكون مصداقا، حقيقيا لا مجازيا للعبارة الشهيرة والتي أصبحت تتداول كثيرا كل خميس، أي: "الشخص المناسب..."

 لتبدأ مرافق الدولة (الأندية) في تنافس ايحابي، رأس الحربة فيه قادة ومسيرو تلك المرافق (لاعبوه المحترفون) ، الذين تم انتقاؤهم بعناية فائقة وبمنتهى التجرد.

ومما لاشك أنه، سيكون لهؤلاء وأولئك مردود مادي ومعنوي معتبر، على مختلف مرافق ومؤسسات الدولة، لتبدا معركة البناء بما يستهوي قواعدها الشعبية، على غرار ما نرى من هوس شعبي بالساحرة المستديرة.

غني عن القول إن كل ذلك، لن يكتب له النجاح، دون شروط محددة، بعضها مرتبط بالجهة المشرفة على مثل هذا التوجه، والتي أشرنا لبعضها، والجزء الآخر وهو الأهم، متعلق بوجود إرادة سياسية حاضنة لهذا الإصلاح والتوجه، و ترعاه وتتابعه، ليندفع الجميع نحو البناء والعطاء الذي يفترض له أن يكون.

أحد, 19/07/2020 - 09:40

          ​