شهدت محافظة الشرقية في دلتا النيل بمصر واقعة غريبة، إذ فوجئ أهالي قرية كفر الحصر بتجوّل محمد الجمال، المدرّس المنتمي للقرية بعد أربعة أشهر من إعلان وفاته ودفن الجثمان الذي كان يُعتقد أنه له.
وكشف السيد الجمال، شقيق محمد الذي وُصِف إعلامياً بـ"العائد من الموت"، لـ"اندبندنت عربية" عن أنه تلقّى قبل يومين اتصالاً من نجل شقيقته يخبره بأن أهالي القرية شاهدوا شقيقه محمد بالقرب من القرية، فتوجه إلى المكان وفوجئ بوجود محمد الذي يعاني مرضاً نفسياً، على الرغم من أنه تم دفن جثمان كان يُعتقد أنه لشقيقه في 21 مارس ( آذار) الماضي، بعدما كان قد تغيّب عن المنزل نحو شهرين، ما دفع الأسرة إلى البحث عنه في المستشفيات. وخلال البحث، أخبره العاملون بوجود جثمان لشخص يشبه شقيقه، وبعد رؤيته، وجد السيد الجمال أنه قريب الشبه من محمد، لكن الجثمان كان يبدو أنحف بقليل، فراوده بعض الشك، لكنه في النهاية اعتقد أن ذلك بسبب بقائه في الشارع أكثر من شهرين، وأكد أن الجثمان لشقيقه وتمت مراسم الدفن قبل أربعة أشهر.
ولا يخفي السيد الجمال أنه كان قد شعر بالراحة حينما ظن أن شقيقه توفي، مرجعاً السبب في ذلك إلى شعوره بالشفقة عليه بسبب متاعب المرض النفسي والتعرّض لجلسات العلاج بالكهرباء، والآن بعدما وجد شقيقه حيّاً سيعود مجدداً إلى رحلة العلاج، فمحمد ما زال في حالة سيئة، يتفوّه ببعض الكلمات الغريبة غير المفهومة، لكنه يتذكر هوية الأشخاص من أسرته وأبناء القرية.
وأوضح السيد أن شقيقه البالغ من العمر 46 سنة كان يعيش حياة طبيعية، لكنه أُصيب منذ أربع سنوات بأمراض نفسية نتيجة مروره بخلافات زوجية بسبب غيرته الشديدة، ما دفعه إلى مغادرة قريته، وتدهورت حالته ما جعله يغادر المنزل أكثر من مرة. وأضاف أنه لم يجد مساندة من المستشفيات الحكومية لعلاج شقيقه في السنوات الماضية، ما كان يُضطر الأسرة إلى الاستدانة لتأمين تكاليف بقائه في مستشفى نفسي خاص، لكنهم سرعان ما كانوا يُرغمون على إخراجه بسبب التكلفة الكبيرة التي تتخطّى 200 جنيه (12.5 دولار) يومياً.
وأضاف أن مشهد لقاء شقيقه محمد مع نجليه وابنته كان مؤثراً، وتم داخل مركز الشرطة التي تحفّظت على المُدرّس واستجوبت أشقاءه حول ملابسات دفن جثة اتّضح أنها لا تعود إلى شقيقهم وحتى الآن لم تُعرف هوية الجثمان المدفون، مؤكداً أن الأسرة ما زالت تشعر بالصدمة مِمّا حدث في اليومين الماضيين.
وقال السيد الجمال في حديثه الخاص: "لقد تلقّيتُ استجابة من وزارة الصحة لمناشداتي عبر وسائل الإعلام للمساعدة في علاج شقيقي بعد الواقعة التي أثارت جدلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، فطالب مسؤولون من الوزارة بضرورة التوجه مع شقيقي إلى أحد المستشفيات الحكومية وأتمنى أن تستمر الجدية في التعامل مع حالة محمد حتى يشفى ويعود إلى حالته الطبيعية". وأضاف أنه سيقوم بعد الاطمئنان على شقيقه في المستشفى ببحث كيفية استخراج أوراق ثبوتية له بعدما أصبح مسجلاً كمُتوفى في السجلات الرسمية.
وتعود أحداث القصة الغريبة عندما شاهد أحد أهالي القرية الشاب المفترض أنه ميت محمد الجمال يتجوّل في القرية، فلحق به أحد الشباب حتى وجده يتجه نحو المقابر للنوم فيها، وأبلغ الأجهزة الأمنية وأسرته.
وفي تصريحات تلفزيونية للإعلام المحلي أكد هشام مسعود، وكيل وزارة الصحة في محافظة الشرقية، أن تلك الواقعة ليس لها مثيل من قبل، موضحاً أن الجثمان الذي تم دفنه في مارس الماضي، كانت الأجهزة المعنية قد تلقّت بلاغاً بوجوده قرب السكة الحديد في طريق الزقازيق - أبو حماد، فاتُّبعت الإجراءات القانونية ووُضع الجثمان فى المشرحة، مشيراً إلى أن المتبع في التعامل مع تلك الحالة الانتظار حتى يظهر من يثبت أنه يخصّ أحد ذويه. وأكد أن ما حدث باستلام أسرة محمد الجمال ذلك الجثمان ودفنه على اعتبار أنه شقيقهم، أمر لا يعني المستشفى، طالما أن المسؤولين أتاحوا للأسرة معاينة الجثة وأكدوا أنها تعود إلى ابنهم، مضيفاً أن النيابة وجهت الطب الشرعي بأخذ عينة من الجثمان المدفون لمعرفة هويته.