دولة القانون تتجسد / ميلى بنت الغوث

خلال الأيام الماضية، وبعيدا عن مشاغل الحياة وضغوطها، وخلال لحظة التحرر من تلك الضغوط، تسنت لي فرصة التفرغ للتفكير العميق في الشأن الوطني، وتبادل الرؤى حوله مع مواطنين يسكنهم هاجس حب الوطن ولا يُعدمون الأفكار النيرة الكفيلة بتطويره.

 أخذنا النقاش إلى حديث الساعة وما يشهده المشهد الموريتاني من تجاذب كان نتيجة طبيعية لما تعرفه الأحداث من تقلبات، من بينها ما طفا من اتهامات للرئيس السابق ومقربيه بالفساد، ثم ماتلى ذلك من توقيف له، واخيرا الإفراج عنه.

واستقر الرأي عندي على أن ما يحدث الآن إنما هو مخاض ولادة عسيرة لدولة العدل واستقلال القضاء، دولة لا سلطة فيها الا للقانون، ولا حصانة فيها للمفسد مهما كان شخصه او اسمه أو درجة قربه وعلاقته بالرئيس.

مع تولي فخامة رئيس الجمهورية مقاليد السلطة في البلاد، بدأت المؤشرات تترى وتتوالى على أن خيار استقلال القضاء هو خيار لا رجعة فيه، وأن تدخل السلطة التنفيذية في توجيه السلطة القضائية سيكون من الماضي، تجسد ذلك في أكثر من موقف، بدءا برفع الظلم عن المعارضين في الخارج، والذي كان رأس النظام السابق يستخدم القضاء كسيف يسلطه عليهم، ثم إعلان حزب الاتحاد من أجل الجمهورية بتوجيهات من صاحب الفخامة وقوفه على مسافة واحدة من كل المتنافسين على نقابة المحامين (المحاماة عنصر شرطي لقضاء عادل ونزيه) واحترام رغبة المحامين في انتخاب من يرأسهم.

وأخيرا، وبكل تجرد وبمهنية عالية، توقيف الرئيس السابق وفق قواعد التوقيف القانوني وطبقا للمساطر المعمول بها، ثم إخلاء سبيله عندما ينص على ذلك القانون.

حُق للموريتاني أن يفخر بسلطته التنفيذية والتي يرأسها فخامة رئيس الجمهورية "محمد ولد الشيخ الغزواني" وهو يُسطر درسا في الرزانة والحكامة واحترام القانون وتنفيذ متطلباته.

وحُق له أن يفتخر بسلطته القضائية التي أثبتت كفاءتها ومهنيتها وقدرتها على تحمل المسؤولية كاملة غير منقوصة.
وحُق لنا كداعمين للرئيس ان نفتخر بمجهوداتنا في نصرته والوقوف معه، وهو يجسد أبرز مطالبنا وينزله واقعا ملموسا بعدما كان حلما جميلا في مخيلاتنا ألا وهو تحقيق العدالة، وتكريس مبدأ الفصل بين السلطات.

ثلاثاء, 25/08/2020 - 10:57

          ​