برلماننا، بين الأمس واليوم! / محمد سالم حبيب

لعل أهم ما بدأت ألحظه في العهد الجديد، هو مستوى جودة الطرح الذي بدأ يطبع مداخلات معظم نواب الشعب وخصوصا منهم الموالاة، التي دأبت على نهج خاص بها في التعاطي مع السلطة القائمة.

لقد شعرت كما لو أن حملا ثقيلا كان على ظهورهم وبدأ ينزاح عنهم شيئا فشيئا، أو أن التزاما مسبقا كان يحرجهم، أو أنه كان للسلطات الماضية - حينها- حمى يحرم على نوق هؤلاء الاقتراب منه.

وما إن بدأ الجميع يتخلص من تلك القيود والالتزامات؛ حتى ظهر ذلك جليا في مستوى طرحهم لجميع قضايا المواطن العالقة و بشكل أكثر مصداقية وجرأة من ذي قبل.

قضايا لم يكن الكثير منهم، حتى بالأمس القريب يجرؤ على طرحها أو مساءلة أصحابها.

لقد أحسست فعلا من خلال تلك المداخلات أن شيئا ما طرأ.

ومن وقتها، بدأ هؤلاء النواب يلامسون هموم الشعب وبخاصة منه جهاتهم وقواعدهم الناخبة لهم.

.ويحضرني في هذا الصدد- ومن أحدثه -  مساءلة أحد نواب الأغلبية للوزير الأول عن مبررات زيادة مخصصات الرئاسة بنسبة معتبرة، وضرورة توضيح ذلك للرأي العام.

تجدر الإشارة أني ركزت في هذا المقال على نواب الموالاة، لأرسل بذلك رسالة مفادها أن المصلحة العام، ينبغي أن تكون فوق أي انتماء مهما كان نوعه، وفي سبيلها يهون كل شيء.

إن الحريات حين تطلق، يتراجع مستوى الولاءات العمياء، ويصبح هم المنتخبين التفرغ لما انتخبوا لأجله، فيشعر المواطن فعلا أنه أحسن الاختيار، بل ويحفزه مستقبلا لإعادة الثقة في مثل هؤلاء، حين يبلون بلاء حسنا في غرفهم الموقرة.

غني عن القول أن كل ذلك غير متاح مالم يثابر هؤلاء المنتخبون على الحضور  المتكرر للجلسات البرلمانية.

 وهنا تحضرني فكرة أو اقتراح، أود من الجهات المختصة الانتباه له ومحاولة تطبيقه، عل وعسى!

 يتمثل في ضرورة أن يكون الحضور لجلسات البرلمان ملزما لهؤلاء النواب، على أن يكون هناك خصم مالي من رواتبهم جراء أي غياب غير مبرر لأحدهم، أو تفعيل هذا الإجراء  إن كان موجودا أصلا.

وهو ذاته ما ينطبق على إخوة لهم في قطاعات أخرى، أجورها لاتسمن ولا تغني من جوع.

إن المنتخبين وضعوا على كاهلهم أمانة جسيمة ينبغي أن يدركوا جسامتها وخطورتها في آن.

وأن يستميتوا في الدفاع عنها وعلى رأسها طرح مشاكل ومطالب قواعدهم الشعبية التي انتدبتهم لهذه المهمة.

خطوة في هذا الاتجاه، تدفع السلطات التنفيذية إلى الاطلاع على تلك المشاكل عن كثب، ومراعاة ما يمكن تحقيقه منها.

تجاوب- إن حدث ومع الوقت - من شأنه الدفع بالعملية التنموية قدما في سبيل رفاه وعيش كريم للمواطن العادي في كل جهة من جهات الوطن، والتي ينبغي أن تستفيد وتنعم جميعا بخيرات وخدمات هذه الدولة وعلى حد السواء. و التي  لن نجد من ملجإ أو من ركن نأوي إليه، سواها حين نحتاجها.

مما يدفعنا جميعا إلى التضحية في سبيل رقي هذه الدولة وازدهارها حتى نوصلها إلى ما ينبغي أن تكون عليه من نمو وتطور مضطرد متعدين بها كل العراقيل، لإيصالها بر الأمان، بما أمكن من جهد، وقد قيل:

فمـبلغ جـهـدي أن سـلام علـيكما

وليس يلام المرء في مبلغ الجهد.

ثلاثاء, 08/09/2020 - 12:25

          ​