الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
الزكاة لا تجب إلا على من امتلك نصابا، وحال عليه الحول ولم ينقص ماله المزكى عن النصاب. بغض النظر عن مصدر هذا المال (راتبا كان أو غيره من أوجه التكسب الشرعية).
وعليه فلا خصوصية للراتب عن غيره من أوجه التكسب؛ فمن امتلك نصابا وحال عليه الحول ولم ينقص وعاؤه الزكوي عن ذلك النصاب (الوعاء الزكوي لغير الحيوان والزرع هو: النقد وما في حكمه وعروض التجارة والديون المستحقة على ملي باذل) فقد وجبت عليه الزكاة ومن لا فلا.
هذا.. وإن هنالك رأيا للعلامة الشيخ القرضاوي لما تأخذ به المجامع الفقهية بعد ولم ينل حظه من التنقيح الفقهي من غيره – حسب علمي القاصر – يعنى بتقديرات تتعلق بأصحاب الرواتب الضخمة وأصحاب المهن الحرة (المحامين، الأطباء، المهندسين… ونحوهم) بحيث تقدر ضروراتهم من هذه الموارد، فإذا بقي بعد هذا التقدير الحكمي ما يزكى زكوه. بغض النظر عن بقاء مقدار النصاب في وعائهم الزكوي طوال الحول.
ذلك.. وقد رأيت العلامة الشيخ محمد الحسن الددو يفتي بمثل هذا الرأي لأصحاب الخدمات الذين يعيدون ‘رسملة’ أرباحهم بشكل دائم، مثل المستثمرين في مؤسسات النقل أو العقارات المؤجرة، الذين كلما حصل لديهم فائض من السيولة اشتروا به أصلا ثابتا جديدا أو استخدموه في صيانة قديم (شاحنة أو عقارا) حتى أصبحوا كمثل قول الشاعر في معن بن زائدة: “إذا حال حول المال لم يلف عنده.. من المال إلا ذكره وفضائله”.
ملاحظة: هذا الصنف من المستثمرين – عند غير الشيخين من الباحثين في مجال الزكاة – يصدق عليه ما يعبرون عنه بأنه ‘الملياردير الذي لا تجب عليه الزكاة!’ ويرون أن جودة إدارة هذا الملياردير للسيولة وإعادة رسملة ماله بشكل دوري وما يترتب عليها من امتصاص البطالة ووفرة المعروض وتقليص التضخم والرفع من المستوى الاقتصادي للأمة… كلها أمور تجعل الفقه يكافئه. فينظر الفقيه إلى ما في يده من الأموال فإذا هي أصول قنية غير معدة للتجارة (أصول ثابتة بلغة المحاسبين) ليس فيها من النقود ولا من عروض التجارة ولا من الديون العينية ما يوجب عليه الزكاة، فلا يطالبه بها. مثلما أسقط الشارع الزكاة عن مالك الخيل مثلا – ولو تعاظمت قيمتها – لأنها كانت وسيلة الجهاد في سبيل الله والدفاع عن بيضة المسلمين وأوطانهم. وهكذا.
والله تعالى أعلم