للإصلاح كلمة تطالب بالإصلاح الثقافي- تعريب الإدارة - (1) / محمدّ بن البار

كلمة الإصلاح كانت قد جمعت عدة ملفات فساد لتكتب عن كل واحد منها كلمة إصلاح موجهة للجنة البرلمانية التي بيضت وجوه الموريتانيين بتحقيقها الفريد في شجاعته ومصداقيته وإخراجه لبؤر الفساد التي كانت مخبأة في كل مكان داخليا وخارجيا وذلك لحثها علي السير علي ذلك المنوال حتى تبعث موريتانيا جديدة مستقلة قبل أن يأتي يوم 28/11/2020 للاحتفال بالاستقلال الرمزي الذي كان يطلي به كل سنة علي واجهة موريتانيا المظلمة وكان يري علي وجهها قتر وذلة من طغيان الفساد الذي مصدره الرئاسة ومنبعه أعوانها في الحكومة ومنعشه المنافقون المتملقون ( ولولا شدة رنين الصوت بالأسماء ) لسميتهم لإظهار الاجماع علي معرفة أصحابها.

ولكن عندما كتبت عن عدة ملفات وقدمتها للجنة البرلمانية تبين لي أن هناك ملفا خبيثا أسود قاتما ينخر منذ الاستقلال جسم الموريتاني الشنقيطي في أقبح همجية داخلية للطغيان واستغلال الطيبوبة الموريتانية وعدم نرجسيتها وشدة مسامحتها حتى مع من أفقدها هويتها التي تعرف بها وأفقدها أصل لحمة وحدتها التي تفتخر بها أمام العالم ألا وهو ملف تفرنس الإدارة الموريتانية التي لها فيه ستين سنة – وإدارتنا في هذه السنين ولاسيما من التسعينات وهي تدوس دستور البلاد بكل أعضائها وبكل وقاحة أعم وأشمل من الفساد المادي – ومع ذلك يتجرأ قادتها عندما يمسهم سوء أعمالهم المادية فيقولون أن الدستور خرق في شأنهم وكذلك لجنة حقوق الإنسان عندما يغلظ الكلام علي مجرم ترعد هي وتزبد من غير أن تتذكر أن لا شيء أظلم من الإدارة الموريتانية للشعب الموريتاني حيث حرمته من الوحدة الوطنية لجميع شرائحه التي هي أغلي مفقود له بسبب اختلاف ثقافته ، فلو كان من يوم الاستقلال الأول وناشئته كلها من الابتدائية وحتى انتهاء الإعدادية منهجه بلغة واحدة هي لغة دينه ووطنه لكان الآن جميعه يتكلم لغة واحدة ولاسيما مثقفوه ولا يحتاجون إلي أي ترجمة ، وفي نفس الوقت ، ولكان كتابة أي حرف باللغة الأجنبية ممنوعة من طرف أي مشتغل في المرافق العمومية سواء كانت إدارة حكومية أو شركة للحكومة في النصيب الأكبر، ولكان الجميع أيضا متساوون في ولوج الوظيفة العمومية، ومن هنا أقول صراحة لا غبار عليها أن جائزة الرئيس التي أعلن عنها تتعلق بحفظ المتون كعادة المحاظرالشنقيطية لا معني لها فهذه الجائزة أولي أن يتسابق إليها الوزراء والمدراء في تعريب إدارتهم ، فأي وزير أسرع في تعريب إدارته فله الجائزة الأولي وهكذا ، لأن الفكرة الأولي للجائزة قاصرة وعليها مسحة فكرة أهل الدنيا المفرقة بين العمل للدنيا والعمل للأخرة ، والمكرسة لدوام فتح أبواب ما يعتقد أنه علم الآخرة لبعض المواطنين الذين يبحثون عن فتات الدنيا فيها ، وترك بعض من الشعب الموريتاني يعيش بملء بطنه لخدمة الحياة الدنيا بلغة أجنبية ، وبذلك ينفصل بعض الشباب عن بعضه ويتمايز ، وليته كان منفصلا انفصالا فيه بعض الإيجابية ولكنه انفصال بلغة لا تربطها بموريتانيا إلا استعمارا خبيثا تركنا بدويين كما كنا ولم يدخل علينا أي بذرة من منافع الحضارة كإبداء مساوئ القبلية والمحسوبية والجهوية والرشوة إلي آخره، وما كان آباؤنا قد منعوه منه وهو تفرنس الناشئة والدخول عن طريق التفرنس إلي سماع المبشرين إلا أن ما منعه آباؤنا استسلم له رؤساؤنا العسكريون ليحولوا التفرنس إلي ما في الحضارة من سوء الأخلاق  المادية والبعد بذلك التفرنس عن معرفة أي فكر ديني عربي تفسره وترسخه وتهتدي به الشهادات العليا باللغة العربية لتسير بها أحوال الدنيا في أيام النشاط العملي للإنسان داخل مصالح الدولة ويبقي منه رصيد قوي عميق يكون مرآة لصاحبه ينظر منها إلي مستقبله الأبدي الذي لا توقيت لساعة الوصول إليه ولا بد من الوصول.

إن أكبر سيئة احتفظ بها العسكر بانقلاباته كرسها في إدارته هو الخاصة به واحتفظ بها في إدارة المواطنين وجعلها فضيحة ينظرها كل زائر لأي مكتب من مكاتب موريتانيا " شنقيط " سواء كان الزائر أجنبيا من أي دولة أو كان عربيا يدرك أن آباءهم أساتذة آبائه في العربية وجميع فنونها إلا أن وراثتهم لآبائهم ولو بعد استعمارهم مثلنا خير من إرث أبنائنا لآبائهم في شأن المحافظة على ذلك الكسب الرفيع العربي الإسلامي الذي تركه لنا الأجداد من أي لون من ألواننا وبأي لغة وطنية نتكلم.

إن من سمع بكتابة الرؤساء المتنافسون علي رئاسة الجامعة إلي رئيس الجمهورية لاختيار أحدهم في الأيام التي يعطي هو فيها الأمر بإنشاء جائزة باسمه لحفظ المتون الإسلامية بتنوعها في الفقه وعلوم اللغة العربية ويسمع أن وزير التعليم العالي سيمنع أصحاب الشهادات العربية من الاكتتاب وهو بذلك يتناقض مع نفسه – فالمتواتر عنه أنه رجل متدين وهذه الفكرة هي عدوة الدين- ليتيقن أن موريتانيا " شنقيط " يكرس فيها أنها من جينة حيوان عقيم لا ينسب إليه أصل ولا فرع ويسمى " البغال " وقد عده الله من الحيوانات التي لا منفعة فيها إلا لركوبها والتزين بها في الحياة الدنيا.

إنني أناشد اللجنة الوطنية البرلمانية باسم من يؤيد هذه الفكرة وسوف يكون بإذن الله غالبية الشعب الموريتاني أن تطلب من الحكومة إحالة ملف تعريب الإدارة الموريتانية إليها بعد أن تقوم هي أولا بتحديد ما ذا تعني الكتابة في الدستور أن اللغة العربية لموريتانيا هي العربية وتستجلب الخبراء الدستوريين وحتى من الأجانب لأن كل دولة تتكلم في دستورها عن اللغة الرسمية فيها ، وتعطي توصيات صارمة في الموضوع ويكون البحث عاما وعميقا في كل حرف يكتب في الدوائر الموريتانية أو شركاتها الوطنية والأجنبية ، ويكون هذا قبل إصلاح التعليم ليكون هذا التقرير هو المرجع الوحيد لإصلاح التعليم ، ومن يرد اللغة الأجنبية والتعمق فيها فليذهب إلي مصدرها ويطلب العمل بشهادته خارج الإدارة الخاصة بالشعب الموريتاني ، فإن امتنع الجميع إلا التفرنس فنسأل الله أن يبدله للشعب الموريتاني بما هو خير كما قال الله : (( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم )).

سبت, 03/10/2020 - 10:30

          ​