على ولد الغزواني أن يضع حدا لمجموعة الطمع وجمع المال التي قضت على قيم وأخلاق هذا البلد المسلم المسالم

شهدت موريتانيا خلال الأنظمة السابقة التي تعاقبت عليها في العقد الأخير، نقلة مفاجئة، وانتكاسة نوعية قضت على قيم وأخلاق ومثل هذا البلد المسلم المسالم، حتى ساد الجشع والطمع وحب المال، وسيطرة النظرة المادية على عقل الإنسان، حتى أصبح تقدير الإنسان لأخيه الانسان حسب ما بحوزته من نقود، وحسب لباسه ومكان إقامته.

وبين دفتي هذه التغيرات الصادمة، أنشبت ثورة التكنولوجيا أظفارها بقوة في حياة الناس، ونقلتهم من أصالتهم وبراءتهم البدوية، إلى عالم جديد تحطمت فيه سمعة موريتانيا، التي كانت تصدر العلماء والفقهاء وعلماء اللغة إلى العالم، وأضحت رمزا للفساد واللصوص والمحتالين، وأصبح جمع المال بأي وسيلة هو معيار مكانة الانسان وقمة الشرف أن تكون غنيا وبمنزلك في "تفرغ زينه، ولك سيارة فارهة ولا حساب عليك من أي لك بهذا، هذه الفكرة التي وجدت صدى قويا في عقلية العامة، وتمسك بها بعض الخاصة، فسارت في المجتمع كالنار في الهشيم، وألقت قبضتها على كل شيء، على العادات والعبادات والسياسة والاعلام والصحة والتعليم والأمن، وحياة الناس الخاصة.

إن الشعب الموريتاني اليوم يستحق ما حصل له  من هوان واستخفاف، لجريه خلف كل جديد واستكانته لكل من يجلس على رأس الحكم وتحكم مجموعة من المتاجرين بالدين والقيم في كل شيء، وسيطرتهم على ذوق المجتمع، حتى أصبح الرجل والمرأة يبيعان عرضهما بمبلغ مالي، لحيازة مكانة في مجتمع لا يقدر غير المال والسيارات الفارهة والمنازل الفاخرة، ويضرب عرض الحائط بالعلم والفقه والأخلاق الحميدة والعادات الموروثة عن المجتمع الأصيل المسالم، فبعد أن كان الشعب الموريتاني شعبا عظيما أبيا قنوعا أضحى شغله الخنوع والطمع في كل شيء، فهمٌ الجميع هو جمع المال فقط منذ يفتح عينيه وحتى ينام.

وأصبح المال يتحكم في كل شيء ويخرق العادة، وهو الأب والأم والحسب والنسب، و يكفي عن الأصل الاجتماعي، وأضحى المخادع والماكر واللص الذي يملك المال أنسب وأعظم مكانة في عيون الناس من غيره من أهل الفضل والحسب من الفقراء.

وأكبر دليل على ذلك ما حصل في الساحة الوطنية من عمليات التحايل وأكل المال العام، وتزوير المواد الغذائية، حتى أن الدول التجارية الكبرى أصبحت تعرف الموريتانيين بالمخادعين والفاسدين، وفسدت سمعة موريتانيا حتى في بلاد الحرمين، وليست قضية الشيخ الرضى التي لم يشهد تاريخ موريتانيا شبيها لها من قبل، وكذا عمل الجماعة التي باعت قيمها وزورت أشخاصها لتحصيل ربح أكبر، وما شهده الظرف الأخير من عمليات فساد ونهب لاحدود لها، وبلا حياء، إلا مثالا واحدا على ذلك.

إنه على رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس المجلس الأعلى للقضاء والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو قادر على ذلك؛ أن يضع حدا للتزوير والخداع والفساد المسيطرين على عقلية الانسان الموريتاني، وأن يجعل الرجل المناسب في المكان المناسب، ولديه من القيم والأخلاق والمعرفة والثقافة، ما يجعله يغار على سمعة بلده التي ضاعت في سوق الدرهم والدينار، فقد فسدت القيم والمثل التي كانت شائعة في المجتمع الموريتاني، وعليه أن يمنح الحرية التامة للقضاة ليكون بوسعهم توقيف أي شخص كان، فبدون حرية القضاء لن يتغير شيء، وأن يعيّن لجنة وزارية لإعادة الاعتبار للمجتمع البدوي المسالم الأصيل الذي يأخذ عاداته وقيمه ومثله من الإسلام، وأن يجعل عقابا ردعيا لكل من يحاول ترويج أخلاق تنافي التقاليد والمثل، وأن يضع حدا للجشع والطمع والنظرة المادية التي توجه فكر إنسان اليوم، فهي تراكمات كبيرة تحتاج لوقفات جادة من رجال أقوياء.

 

اتلانتيك ميديا

جمعة, 09/10/2020 - 10:49

          ​