استغرب الكثير من الموريتانيين، وما زالوا يستغربون التزام الرئيس الانتقالي السابق اعل ولد محمد فال الصمت حين تم انتخاب الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله وحضر تنصيبه رئيسا للجمهورية وسلمه السلطة، مع أنه سعى جاهدا، وبكل الوسائل المتوفرة لديه، إلى منعه من الفوز بالرئاسة؛ ووجه المسؤولين والوجهاء وزعماء القبائل لدعم منافسه الأبرز في رئاسيات 2007؛ حتى من خلال محاولة "انقلاب البطاقة البيضاء" الفاشلة..
استغرب الموريتانيون، وما زالوا يستغربون صمت ولد محمد فال إزاء الإطاحة بولد الشيخ عبد لله يوم 8 أغسطس 2008؛ حيث لم يره أحد إلى جانب الرافضين للانقلاب وهم يعتصمون ويتظاهرون في إطار الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية؛ يواجهون مسيلات الدموع وهراوات قوات الأمن، حيث اختار فنادق الغرب ذات النجوم الخمس حيث الراحة والرفاهية، و.....
استغرب الموريتانيون وما زالوا يستغربون صمت ولد محمد فال المطبق إزاء ما عرف بمسار 6/6، وعدم صدور أي موقف من جانبه بهذا الشأن.. مثلما التزم الصمت إزاء حوار دكار الذي لم يدل فيه بأي موقف، أحرى أن يسعى للمشاركة فيه، ولو عن طريق ممثل عنه؛ حيث عقد ذك الحوار بهدف إخراج البلد من أسوأ أزمة سياسية في تاريخه؛ وهو الذي يملأ الدنيا، اليوم، حديثا عن "الأزمة والكارثة والانحراف السياسي والأمني" في البلد!
استغرب الموريتانيون وما زالوا يستغربون خروج ولد محمد فال، فجأة ليعلن ترشحه للرئاسة في وقت كانت فيه كل مكونات المعارضة متحدة في رئاسيات يوليو 2008 لمواجهة الرئيس محمد ولد عبد العزيز؛ ليخرج بنتيجة 3% من أصوات الموريتانيين..
وتتوارد الأسئلة بكثرة على ألسنة الموريتانيين عن سر التوقيت، وسيل البيانات، من قبيل من يقف وراء العقيد اعل؟ وماذا يريد؟ ولمصلحة من يسعى؟ وهل يمارس الرجل سياسة الهروب إلى الأمام خوفا من مصير ما يتهدده؟
اليوم يخرج على الموريتانيين أشهر مدير عام للأمن في تاريخ بلدهم، نظرا لفترته القياسية في إدارة أجهزة الأمن لمدة عقدين من الزمن كانت تحسب فيها أنفاسهم، وتحبس أحيانا؛ وسط رموز طبقة سياسية طالما أذاقهم الأمرين؛ منتهجا أسلوب ضرب بعضهم بالبعض الآخر، مطالبا بإسقاط "نظام الاستبداد" من منظوره (نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز)؛ في استخفاف صارخ بذاكرة الموريتانيين الذين عرفوه مقترنا بأكثر أنظمة الاستبداد في تاريخ بلدهم، وركنا أساسيا من أركانه! وتلك لعمري مدعاة لمزيد من الاستغراب والدهشة..
أحمد سالم ولد محمد