قد بينا في مناسبات عديدة إن السعي في تغيير رئيس الوزراء لا يشكل تغييراً سياسيا ولا إقتصادياً في المجتمع وإنما صراع لهيمنة المحاور على هذا المنصب ليس إلا.
لان لهذا الصراع "المحاور" إتجاهان: الاول/ داخلي. الثاني/ دولي وإقليمي. بيد أن القوى المتقاتلة على السلطة تعتمد بالمركز الأساس على العمق الدولي والإقليمي وهذا ينعكس بدوره على الإتجاه الداخلي، لذا العملية السياسية منذ يوم وجودها أعتمدت على الوجود الإمريكي سياسيا وعسكريا ثم أباحت “أمريكا” للدول الإقليمية التدخل حسب المواقع الجغرافية الملائمة عقائديا وفكريا لكل تدخل وينسجم مع قوى العملية السياسية، وهذا بدوره شكل أقتتال داخلي في المجتمع ولإدخال العراق في تقسيم الانتاج الرأسمالي العالمي المعتمد على النفط أساساً.
إن هذه المحاور لا تختلف بهذه النقطة آنفاً والحفاظ على هذه المكانة، وهي إرادة للرأسمالية العالمية. لكن الصراع ينطلق من منطلق تقسيم العالم حسب المحاور المتصارعة بين امريكا وحلفائها والصين وروسيا وحلفائها أيضاً وصراع العراق هو لجره لأحد المحاور. وعليه أن الازمة الإقتصادية التي يمر بها العراق هي جزء من الأزمة الإقتصادية العالمية وصراع المحاور العالمي إلا أن العراق تضاعفت أزمته الإقتصادية نتيجة الفساد المالي والنهب وتحت غطاء الدستور والقانون وإتفاق القوى الحاكمة على تحويل الأزمة على عاتق العمال والعاطلين عن العمل ومحرومي المجتمع.
لذا لابد أن نبين الحلول التي تطرحها القوى الحاكمة وننقدها وهي كالآتي:
1. إن الإعلان عن أجراء انتخابات مبكرة وقصف الإعلام على انها الحل الأوحد لإخراج العراق من ازماته السياسية والاقتصادية والأمنية وانهاءها ليس إلا ترهات. فالقوى الحاكمة ذاتها هي من تملئ صناديق الاقتراع، وهي من تفتحها، وهي من تعد اوراقها الانتخابية، وهي من تعلن نسب المشاركة فيها.
2. سياسة الاقتراض المحلي والدولي التي تعمل به القوى الحاكمة وتتبجح بانها حلاً للازمة الاقتصادية بل هي سياسة لغض الطرف عن الفساد والسرقة والنهب التي لم تتوقف يوما في كل مفاصل الحكومة الصغيرة والكبيرة. ولتهدئة الشارع وتأجيل حالات الإنفجار المجتمعي.
3. إن رفع شعار “السلاح المنفلت وحصره بالدولة” من قبل القوى الحاكمة يهدف الى ضرب الخصوم سياسيا وإجتماعيا وإعلاميا فقط والسيطرة عليهم كون هذا السلاح له عمقه السياسي والإقتصادي والإقليمي ايضاً. ولهذا الشعار أهمية من جانب أحتواء من خرج في أنتفاضة تشرين كونه أهم المطالب لديهم.
إن جماهير العراق يجب أن تدرك أن تغيير رئيس الوزراء والصراع والإعلام على هذا المنصب والإعتماد عليه بالتغيير ليس من مصلحتها ولا صراعها لاسترداد حقوقها الإنسانية بل لابد أن تدرك أن العملية السياسية بمجملها واحدة وأن اختلفت بينها وتصارعت لكنها منظمة ومتفقة في بقائها ضد العمال والعاطين عن العمل ومحرومي ومضطهدي المجتمع.