مثقفونا و غياب الروح النقدية ../ السالك محمد موسى

من ملامح القصور المعرفي و المنهجي لدي اغلب النخبة المثقفة في بلادنا غياب او ضمور  الروح النقدية لديهم .هذه الروح التي تمكن من مساءلة و نقد   أسس ومباني النظم و الهيئات و المؤسسات من اجل  استجلاء مدى صحة   الأسس  التي أقيمت  عليها و مستوى نجاعتها في تحقيق الأهداف المنشودة و كذلك مقارنتها  بخيارات و تجارب أخرى لمعرفة جوانب   النجاح و مكامن القصور. 
ولا يجد الباحث كبير عناء في ملاحظة غياب هذه الروح النقدية لدى كثير من مثقفينا و خبرائنا . فغالبا ما يتناولون  القضايا بعقلية تسلم بما هو واقع وتبحث فقط  عن حلول ترقيعية و علاجات تطبيعية  لا تقنع شاكا و  لا تطمئن حليفا. 
ومن الجلي ان موضوع( إصلاح التعليم )  أحد  الموارد التي  ينكشف  فيها بجلاء هذا القصور الفكري المعيب .
فتجد كاتبا و مثقفا لا معا يدبج مقالا مطولا حول ( إصلاح التعليم )  ويعتمد مقاربة تقوم على وصف تبسيطي سطحي يجعل مشاكل التعليم تكاد تنحصر في نواقص مادية ( الاكتظاظ ، نقص الطاولات ، عدم كفاية الكاب والدعائم  التربوية ، ترهل البنى التحتية ) ثم يعرج على الحديث عن مشاكل حقيقية  وجوهرية في بابها لكنها  عرضية في الموضوع الأساس  مثل  تدني رواتب المدرسين و ارتفاع معدلات التسرب المدرسي و طغيان القيم  المادية الاستهلاكية في المجتمع  ونحوها من أعراض الظاهرة التي لا يمكن  فهمها و معالجتها بنحاعة الا بعد الفراغ من  تحليل نقدي لأسس و منطلقات المنظومة نفسها..
أن التسليم بالمنظومة و  تجاوز مساءلة أسسها  مرض  منهجي مزمن لدى أغلبية مثقفينا يجعلهم أقرب  إلى عمال فنيين ( ميكانيكيين )؛ذوي كفاءة متوسطة كل همهم إصلاح الآلات و المنظومات المعطوبة بأقل  التكاليف .
 
و من أسباب هذا القصور  نقص التكوين الأكاديمي ، و عدم العناية بدراسة تواريخ الأمم و تجاربها ،  و طغيان التحفظ  والمجاملة للمجتمع و السلطات الزمنية ، والخوف من التعارض مع متبنيات  سياسية لدى هذا الطرف أو ذاك. 
 
أخشى أن تدفعني  مطالعة كثير من منشورات مثقفينا  وكتابنا وفقهائنا   إلى القول إن لدينا فنيي ثقافة  و خبراء اجتماعيين ونفسيين ووعاظ ( مع احترام وتقدير هذه الوظائف والألقاب و التأكيد على أهميتها و حاجة المجتمع الماسة إليها )  أكثر مما لدينا من مثقفين وفقهاء  وعلماء.
خميس, 15/10/2020 - 12:04

          ​