ذكرى المولد النبوي الشريف واحتدام الجدل حول الاحتفال بها / محمد سالم ولد ابن عمر

في مثل هذه الأيام من كل سنة يحتدم الجدل والصراع بين الساعين إلى تخليد ذكرى ميلاد أعظم بشر وأشرفه؛أسوتنا وقدوتنا ورسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم،يحتدم النزاع والصراع والجدال بينهم وبين من يرون ذلك بدعة أحدثت في الدين ولايجوز الأخذ بها إطلاقا...
يتعصب كل من الفريقين لرأيه ويبالغ في الترويج له في المحاضرات والندوات والمساجد ووسائل التواصل الاجتماعي...وهو ما يجعل المسلم العادي يقف في حيرة من أمره لا يدري أي الفريقين المصيب ولا أيهما المخطئ...
تظهر أسماء لامعة لعلماء أفذاذ يصدر بعضهم فتاوى تدعم هذا الفريق ويصدر آخرون فتاوى تدينهم وتدعم الرأي المناهض لهم..
يزداد توجس عامة المسلمين وحيرتهم من تضارب الآراء والفتاوى وشناعة الأوصاف والاتهامات التي يطلقها كل فريق لينال من خصمه..وكأننا لا ننتمي لملة واحدة وأمة واحدة وكأن صاحب الذكرى عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم يفرقنا ولا يجمعنا...
أو لسنا من خاطبهم القرآن قائلا:((ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم))
لو كنا محبين حقا للمصطفى صلى الله عليه وسلم لاتبعنا نهجه وابتعدنا عن التنابز والتجافي والتنازع والتعصب والتخندق...وملنا للتراحم والتواصل والتراضي والتفاهم...
      لقد آثرنا الخروج على سنته الغراء،والمصيبة الكبرى أننا نخرج عن نهجه وندعي حبه وترسم خطاه..وهو أمر غريب..
    لقد آن الأوان لطي الخلافات الهامشية التي تعصف بالأمة وتبدد طاقاتها وتقضي على لحمتها وتذكي نار الفتنة بينها..وتعطي لعدوها الفرصة لاستغلالها للوصول إلى مآربه منها...
    وهنا أدعوا كل محب للمصطفى صلى الله عليه وسلم وكل غيور على نهجه ومحجته البيضاء أن ينآى بنفسه عن هذا الجدال العقيم وأن يبتعد عن التعصب الأعمى لهذا الطرف أو ذاك وأن يحترم لأخيه موقفه الذي هو اجتهاد مأجور صاحبه إن شاء الله..
    كما أدعوا علماءنا ودعاتنا ومثقفينا إلى عدم إثارة نقاط الاختلاف التي تؤجج النعرات وتفرق شمل الأمة وتفل من عزائم أفرادها وتثبط طموحاتهم...وأن ينشغلوا بدلا من ذلك بتثمين المشتركات وتوطيد العلاقات وتقوية الأواصر والبحث عن ارضية مشتركة تتكامل فيه الجهود ويهتم فيها بالأولويات...
    فنحن أمة واحدة ربنا واحد ورسولنا واحد وكتابنا واحد وعقيدتنا واحدة وشرعنا واحد...فلماذا نبحث عن ما يفرق ويبدد ونضخمه حتى نجعل منه القضية والجوهر..وهو لا يمت لهما بصلة...
    وإني إذ أسطر هذه الحروف لأتمزق وأتفطر حسرة وألما لما نعاني من انقسامات مفتعلة نضفي عليها صبغة شرعية وهمية ونبحث لها عن جذور وحجج وأدلة واهية...
  فوا أسفا لأمة هذا دأبها و وا أسفا لعلماء ومثقفين عميت أبصارهم عن مكمن الداء فتوهموه في غير محله فقدموا ادوية مغشوشة ضاعفت المرض وقضت على أمل الشفاء،فحسبنا الله ونعم الوكيل.

 

 
 
جمعة, 23/10/2020 - 11:06

          ​