كما هو طقس العراق, الذي تسوده حالة من عدم الاستقرار؛ فما بين برودة الليل, واعتدال الحرارة ضحى, نشعر بوضوح ارتفاع درجات الحرارة ظهرا, لتنخفض أحيانا بشكل مفاجئ, ليقع المواطن بحالة حيرة, في ملبسه وما يمكن تشغيله, من الأجهزة الكهربائية المتأرجحة التيار, ما بين الوطنية والمولد.
منذ أعوام ليست بالقليلة, يتأرجح الموقف السياسي, بتخبط واضح لا استقرار فيه, لتزيد من حالة هيجان أغلب ساسته, قبيل موسم الانتخابات, لتتصاعد حالة من الشعارات الوطنية, والوعود الرنانة التي اعتاد عليها المواطن, وسط صراعات يأتي قسم منها, نهاراً عن طريق البرامج الصباحية, وتزدادُ حرارة ببيانات, أثناء استراحة البرلمان.
وباء الكورونا الذي إجتاح العالم بأسره, وغطى بضلاله على الوضع الإقتصادي, ليزيد الطين بلة, فالعراق لم تهدأ بهه بعد عاصفة الإحتجاجات؛ وتغيير الحكومات, ليقع تحت منخفض نقص الموارد, وتأخير رواتب المتقاعدين والموظفين, مع أن التصريحات منذ حكومة عادل عبد المهدي, تؤكد على تأمين الرواتب لهذا العام؛ لتتفاجأ تلك الشرائح, أن المالية لا تتمكن من دفع الرواتب, لنقص شديد أو شبه معدوم, إضطرها لطلب الإقتراض, من تأمين الرواتب لنهاية هذا العام! وبدلاً من الاستقرار حتى ذلك الحين, وبعد شهر واحد فقط, تعلن وزارة المالية, عدم مقدرتها لدفع الرواتب! فأين ذهبت الأموال المقترضة؟
صدمة تلو أخرى تصيب المواطن العراقي, فما بين المرض وقلة الوارد, أدخلته في حيرة, إذ كيف سيدفع إيجار سكنه, وكيف يدفع أجور الكهرباء, ومن أين يأتي بقوت عياله؟ أما إن كان رب الأسرى, أو أحد أفرادها مريضاً, فتلك مصيبة كبرى, وخيارٌ بين الموت والحياة, فإما دَينٌ أو تركِ دَين, أدى ببعضهم للإنتحار.
ساستنا الأجلاء ليس لديهم حلول ناجعة, بسبب قرارات أتت عن طريق الاجتهادات, والمجاملة والاتفاقات التي, سُنت لها قوانين خاصة, أدت لهدر المال العام, والتي جعلت المواطن العراقي, يعيش شظف العيش, وانعدام الخدمات الضرورية, ونخص بذلك المحافظات غير المنظمة بإقليم؛ مع أن الموازنة تعتمد النفط, كمورد رئيسي والمستخرج من تلك المحافظات, بينما يستحوذ إقليم كردستان, على 17% من الموازنة, دون أن يدفع من موارده, أي مبلغ لرفد الموازنة.
" لقد غاب عن الأذهان, أن الحق ملازم للواجب، وأن الشعب هو الذي يخلق ميثاقه, ونظامه الإجتماعي والسياسي الجديد, عندما يغير ما في نفسه"/ جزائري من أعلام الفكر الإسلامي, على ما يبدو أن ساسة العراق قد تناسوا, أنهم ما جاءوا للحكم, إلا بأصوات الشعب الذي, عانى طويلا من حقب الحكومات الجائرة.
" لا تحدثني عن سياسي أو رجل أعمال, همهم الوحيد الربح، بل حدثني كيف يزهر الربيع, و كيف يضحك الفقراء و كيف يعمل الكادحين؛ و كيف حال الأوطان"/ تشي جيفارا ثائر ماركسي كوبي.
شكيب أرسلان/ كاتب ومفكر لبناني