دولة القانون / محمد الأمجد ولد محمد الأمين السالم

اما يزال لعالم العربي اليوم بمافيه موريتانيا في عصر الدولة الشكلية حيث توجد جميع المؤسسات والنظم الضرورية لدولة ما بعد العصر الصناعي لكن    مضمون ذلك الوجود هو مضمون شكلي  تحكمه عقليات عشائرية وشرائحية وجهوية 

إن عدم  استجابة العقلية لضرورات الواقع إشكالية فكرية واجتماعية يصعب تجاوزها بمجرد التمني كما يقول جان جاك روسو 

وقد استطاعت الديمقراطيات الغربية المتقدمة فكريا وسياسيا 

خلق العديد من البنى والأليات المؤسساتية التي قد تمكن عالمنا المتخلف من تر سيخ دولة القانون 

ومن تلك الآليات منظمات الشفافية ومنظمات حقوق الإنسان ونقابات  المحامين والقضاة وكتاب الضبك والهيآت المناهضة للتعذيب بل إن تحرير الفضاءآت الإعلامية ضمن حرية الصحافة جزء أساسي من هذه الآليات التي تصب جميعا في بناء دولة مابعد العصر الصناعي (دولة القانون ).

إن  ولوج ذوي الكفاءآت المقتنعين بضرورة بناء دولة القانون لقيادة هذه الهيآت ضروري جدا إذ بدونه نبقى في فضاء المؤسسة الشكلية ....

في موريتانيا :

ورغم أن القبيلة ماتزال حاضرة بقوة في مفاصل الدولة من خلال   التعيينات والتأثير على توجيه المشاريع فإن دولة القانون تسجل انتصارات تبشر بأن تيار دولة القانون يسير في الاتجاه الصحيح .

ومن سار لابد أن يصل كما يقول هيكل ...

إن عدم تدخل التدولة في انتخابات نقابة المحامين مؤشر ايجابي  على هذا التوجه

 كما أن   وجود  محام  عرف باستقلاله عن الأنظمة وهوأحمد سالم ولد بحبيني على رأس  اللجنة الوطنية  لحقوق  الإنسان 

سيساهم في رفع العديد من المظالم وتعرية الكثير من التابوهات الإجتماعية التي ترسخها وتغذيها ثقافة المجتمع الرجعية ذلك أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان  تساهم  

 في ترسيخ دولة القانون وترسيخ قيم الديمقراطية والحداثة السياسية والاجتماعية 

إن وجود ذوي الكفاءآت المستقلين عن الدولة في الصف الأمامي من قيادات الهيآت الحقوقية والمدنية مسألة ضرورية وعامل فعال من عوامل تفعيل المجتمع 

فحين زار نا في تفيريت مثلا  رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان السيد أحمد سالم ولد بحبيني رفقة مستشاره القانوني واطلع على واقع مكب تفيريت الجهنمي  استحضرت أهمية هذه اللجنة  وأهمية أن يرأسها شخص مستقل حداثي ...... 

 كما أن تنفيذ الكثير من الأحكام الصادرة ضد الدولة والتي ظلت نعطلة مؤشر ايجابي للمضي قدما في الفصل ما بين السلطات   

يتعلق الأمر بعدة أمثلة منها الصحفي  مانوني وبمجموعة ضباط الشرطة وبمكب تفيريت الجهنمي فقد رضخت الدولة وقبلت أن ينفذ عليها في هذه الحالات 

بالنسبة للجنة حقوق الإنسان هناك خطوة قامت بها تستحق التثمين وهي تجاوز المقاربة التقليدية التي تختصر حقوق الإنسان في الحرية ومقاومة الرق وفي هذا النطاق قامت بتوقيع اتفاقية شراكة مع تآزر تعطيها وظيفة مستشار مناصر للطبقات الهشة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية 

لقد طالبت قبل سنوات من اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان عبر مقالات وتدوينات أن تفتتح ممثليات جهوية فقد كفانا من مركزة جميع المصالح في مدينة انواكشوط التي تكادتحتكر بغطرسة فائقة كل الوطن .

ومما أثلج صدري أن اللجنة المذكورة  قامت بجولة شاملة داخل الوطن تفقدت من خلالها أحوال السجناء 

واطلعت على الكثير من خفايا الفقر ومخلفات الرق .

كما أصبحت قاب قوسين او ادنى من افتتاح ممثليات جهوية

إن دخول مؤسسات المجتمع المدني مسرح العمل في الداخل ضرورة قصوى لأن الداخل ما زال عصيا على الحداثة والإيمان بفكرة الدولة الجامعة.

ومن المصائب الاجتماعية والسياسية التي يجب أن تشغل بال من يسعون لتحديث الدولة العلاقة العضوية بين القبلية وقيم البداوة السلبية والقرى الريفية 

فجل تلك القرى عبارة عن تجمعات قبلية ذات انتماء عرقي آحادي وتحكم سياستها   الاجتماعية منظومة قيمية متوارثة تناقض مفهوم الدولة وبنيتها  لهذا أعتقد أن تحديث الدولة والقضاء على القبلية يستلزم تفكيك تلك القرى وبناءها على أسس اقتصادية بحتة مع ترسيخ ملكية الدولة لمنظومتها العقارية وإشرافها على منظومتها الدينية من خلال المسجد الذي يجب أن تبنيه الدولة وتعين إمامه لتقضي على 

عادة توارث الإمامة واحتكارها من طرف بعض الأسر 

وفي سياق بناء دولة القانون لا بد من:

-- مراجعة آليات ومعايير التعين في وظائف الدولة ابعادا للزبونية  والقبلية وسيطرة اللوبيات الانتفاعية التي تساهم كثيرا في إقصاء ذوي الكفاءات من خلال

 تحكمها في آليات التعيين في وظائف الدولة .

--تفكيك القيادات السياسية التقليدية التي ما تزال تحتكر مفاتيح الكثير من توجهات الدولة 

وأخيرا أذكر بأهمية  الفصل بين السلطات لأهميته في نشر العدل  

تلك أفكار أستحضرتها من خلال شعوري بأهمية بناء دولة القانون 

وتجاوز الدولة القبيلة .

خميس, 26/11/2020 - 12:29

          ​