علمت ببالغ الحزن وعميق الأسى برحيل الإعلامي والإداري محمد ولد بابته رحمه ىالله.
ويعتبر محمد ولد بابته من أكثر الأطر الموريتانية خبرة ومهنية ، تولى عدة وظائف و كان يملك رصيدا من العلاقات الواسعة و المتنوعة بكافة مكونات الشعب الموريتاني.
انخرط محمد ولد بابته في العمل السياسي وهو لايزال طفلا واطّباه الفكر القومي حدثا.
بعد نكسة 1967 نطم وقفة احتجاجية أمام السفارة الأمريكية رفعت شعارات ضد الامبريالية ورددت هتافات معادية لأمريكا ، رفقة طلبة جلهم من خؤولته اليعقوبيين وحين سأل رجل من (أهل إلاهْ) صاحبه وهما في دكان غير بعيد من السفارة: ماذا يجري
أجابه صاحبه: هاذو إيديقب ثايرين اعلَ آمريك.
يعرف قراء المنتبذ القصي براعة الصحفي حبيب ولد محفوظ رحمه الله ، ومعرفته العميقة باللغة الفرنسية ، لكن ما يدركه العارفون بلغة موليير هو أن محمد ولد بابته هو أبرع من كتب بتلك اللغة في هذا البلد وأن ما يكتبه كان يجمع بين ثراء المعجم وعمق الفكرة وسهولة الأسلوب وكان يأوي من تلك اللغة إلى ركن شديد.
وحين تولى رئاسة تحرير جديدة الشعب بالفرنسية(1977 – 1979) أحدث نقلة نوعية في مسار الجريدة الرسمية.
ورغم إيقاع كلماته السريع أثناء الكلام حتى إنه لايكاد يُبين أحيانا ، فإن قلمه كان سيالا رشيقا يكتب من النثر ما يرقى لمصاف الشعر البليغ ويدبج بلغة الصحافة الجميلة ما ضن به البعض على جرائدنا الغثة قائلا إن (لوموند والفيغارو) وغيرهما من الصحف العالمية واسعة الانتشار به أحق.
حدثني الصحفي ذو الثقافات واللغات المتعددة أحمد بدي ولد اباه رحمه الله وكان معه ضمن فريق تحرير جريدة "الجمهورية" بنسختها الفرنسية ، أنه حين تكتمل مواد الجريدة لايبقى إلا الافتتاحية فيدخل السكرتير على رئيس التحرير محمد ولد بابته بورقة وقلم فيُملي عليه الافتتاحية عفو الخاطر وفي وقت يسير ، دون أن يمحو كلمة أو يراجع فكرة ، فلا يظن السامع أن ذلك الإملاء السريع يحمل شيئا ذا بال. وحين تطبع الافتتاحية وتنشر يتهافت الناس عليها يقرأونها وقد نام هو عن شوادرها ليسهر الخلق جراها ويختصم.
وكان أكثر ما يجذب الناس للجريدة هو جمال أسلوب افتتاحيتها وعمق أفكارها.
كان ولد بابته مراسلا لجريدة "لوموند" الفرنسية ووكالة "رويترز" العالمية.
وكان يرافق ولد هيداله فجر الاثنين الموافق 16مارس 1981 حين أقلعت طائرة عسكرية من نوع" بيفالو" كندية الصنع" من مطار انواكشوط تقل الرئيس الموريتاني محمد خون ولد هيداله ووفده الذي يتكون من مدير الوكالة الموريتانية للأنباء الصحفي العالم ولد احمد خليفه ، وممثل "وكالة رويترز" في انواكشوط الصحفي محمد ولد بابته ، والرائد الحرسي النيد ولد عبدالله والطيار العسكري المحترف هاماتي كيسى، والملازم البشير ولد الداه، والرقيب أعمر طالب ولد اميليد ، بالإضافة الى 4 ضباط أجانب من جنسيات فرنسية وأمريكية إلى منطقة" الشكات الحدودية " في أقصى الشمال الموريتاني.
عند الساعة السابعة صباحا حطت الطائرة في مطار مدينة ازويرات المنجمية، وكان في استقبال الوفد الرئاسي قائد المنطقة العسكرية النقيب ابريكه ولد أمبارك الذي اصطحب معه الوفد الى بير أم اكرين الحدودية.
و عند الساعة التاسعة صباحا جاء الخبر للرئيس محمد خون في رسالة عسكرية مشفرة تحمل نبأ سيطرة "كوماندوز، عسكري على العاصمة انواكشوط.
ويعتبر محمد ولد بابته من أكثر الأطر الموريتانية خبرة ومهنية ،و كان يملك رصيدا من العلاقات الواسعة و المتنوعة بكافة مكونات الشعب الموريتاني.
ولا أدل على ذلك من أنه في انتخابات المجلس الجهوي لولاية إنشيري ، صوت مستشارو المعارضة لصالحه ، وهي أول مرة يصوت فيها نواب المعارضة لخيارات الحزب الحاكم.
وأعرب مستشارو المعارضة وهم أربعة: اثنان من تواصل، وواحد من الوئام، ورابع من الكرامة عن ثقتهم في رئيس المجلس الجهوي، وإنهم حينما يصوتون له إنما يصوتون لواحد من أبناء الولاية الأكثر كفاءة وأهلية لتعزيز التنمية وتعميمها على مختلف أنحاء الولاية.
وحصل الحزب الحاكم على 7 مستشارين من اصل 11 فيما تقاسمت أحزاب المعارضة الثلاثة المقاعد الأربعة المتبقية.
لقد عرف الفقيد خلال مسيرته بالاستقامة و النزاهة والخلق الرفيع و الكرم وحب الخير.
تعاينا للأسرة الكريمة وللشعب الموريتاني.
كامل الأسى