العولمة .. وثقافة الكتاب والصورة/الاديب محمد سمارة

هل ثقافة الصورة ( الانترنيت ) وثقافة الكتاب جدليتان مرهونتان بواقع مثقل بتعقيدات وارهاصات يصعب فهمهما باعتبارهما الوحيدتين اللتين افرزتهما الايدولوجية العربية على طبق العولمة , ام ان في الافق ما يشي بافرازات اخر ومدلولات تنتظر ؟ .

فحين ظهرت مفردة العولمة في اواخر القرن العشرين بظهور الجهاز البصري , انتشرت ظاهرة لمسناها لمس اليد احتلت وجودنا الانساني واربكت منظومة البصر والبصيرة , ويتمل ذلك بالانحسار التدريجي لشيء اسمه الكتاب حين تراجع هذا الاخير باضطرار ليس له سابقة بعد ان كان المرجع الوحيد والرافد الاثير لمن تستعصي عليه المرجعيات الثقافية والمعرفية حتى ان البعض من المهتمين بالثقافة الرقمية خرجوا بنتائج مذهلة  لطمت الوعي العربي على ام رأسه .. ففي اخر استطلاع اجري في المغرب دلت النتائج ان الدول  . غير العربية . تأثرت بجهاز الانرنيت و بالفضاء العولمي بشكل مريع , لكن الغرب ما زال يجيد في الكتابة ملاذا روحيا  ورفيقا معلوماتيا لا غنى عنه . اما في الاحصائية التي تخص العالم العربي فقد دلت النتائج ان ثلث العرب اميون وان عدد المطبوع من اي كتاب عربي لا يتجاوز (1500) نسخة وهذا مخيف . ومن خلال هذه الضالة العددية تتأكد لنا اللطمة ( الحقيقية) ويتساءل البعض من المعنيين في شؤون المطبوعات بطريقة فيها استخفاف مبطن . كم هو عدد الذين يقتطعون من يومهم ساعات معينة لزيارة المكتبة بحثا عن كتاب ثقافي او علمي يمس جانبا من اهتمامهم الاكاديمي او الحياتي .

يقينا ان الاجابة ستكون مفخخة . فمن هو العاقل . من عالمنا العربي . الذي يفعل ذلك على حساب وقته الموزع بين اللقمة وهموم الحياة , واذا وجد فكم هو عدد العقلاء الذين يحذون حذوه دون ان تربكهم الحياة ويتوقفوا عن هذه العادة , رافعين الراية البيضاء ؟ .

ان الدول الغربية , كما اسلفت , ما زالت تمارس لذة البحث عن الكتاب جريا وراء عادة موروثة , لكون الكتاب يشكل الارضية الثقافية للانسان الغربي والكمال لشخصيته  و لتربيته الاجتماعية وازراء هذه الحقيقة يتوجب علينا اعادة النظر في سلوكياتنا الفكرية والاجتماعية فنضرب الحياة على رأسها والا فاننا سنجد انفسنا في فراغ سديمي معصوبي العيون وليس ثمة من يرشد هذه العيون المعصوبة الى جادة الصواب

اثنين, 30/11/2020 - 15:03

          ​