اتخذ رئيس موريتاني سابق دجاجة في القصر، أهداها إليه وزير التنمية الريفية، بعدما غنمها في غارة له على إحدى المداجن. وكان وزير التنمية موفّقا في هديته، فمساحة القصر الخضراء تُناسب البهائم.
كان المستشارون والمكلفون بمهمات بعد ذلك، يتنافسون في إكرام تلك الدجاجة وإتحافها بالعلف، تقربا بذلك إلى الرئيس. وربما رأى الرئيس من أحد مستشاريه اجتهادا في إطعام الدجاجة فأعجبه منه ذلك وقرّب منزلته. بل إن أحد المستشارين، كان لا يأتيها إلا بالفستق المشوي (گرته تشاف). وكان للدجاجة قبول عجيب، فكانت تألف وتُؤلف، ويكاد أهل القصر يجمعون على أنهم ما رأوا أحسن منها خلقا، ولا أكيس منها ولا أتم أدباً، بل إن وزير الخارجية خشي على منصبه منها.
ثم إن الرئيس أمر وزير داخليته بشراء ديك يكمل به لها نصف دينها. فأتاه بديك أحمر جميل، اشتراه من سوق مسجد المغرب، ونص على ذلك في نفقات وزارته.
بعد قدوم الديك اكتملت هيبة القصر، وتمّ له ما كان ينقصه من بهاء، وأقبل الوزاراء مهنئين مباركين.
ثم إن الرئيس أحبها حبا شديدا، ومن ذلك أنه عزل أحد مستشاريه، لأنه اعتدى على بيض الدجاجة وحضّر منه بعض العجة (أومليت) في الصباح، ولم يشفع للمستشار المسكين أن زوجة الرئيس هي التي طلبت العجة.
دارت الأيام وخرج الرئيس من القصر وأتى رئيس جديد، فنشبت بينهما خلافات قوية، لأن الرئيس الجديد أبى أن ترحل الدجاجة مع سلفه، فأبقى عليها فيمن أبقى عليه من الموظفين، بينما كان الرئيس السابق مصرا على أن الدجاجة من متاعه.
كان الرئيس الجديد محقا، فخروج الدجاجة من القصر يعرض أمن البلاد للخطر، فهي تعرف من أسرار الدولة الكثير، ولطالما حضرت اجتماعات الرئيس السابق ومستشاريه، وكانت مشورتها تؤخذ بعين الاعتبار.
بعدما هدأت الخلافات بين الرجلين، زار السفير الصيني القصر، فرأى الدجاجة وأعجبته، فأهداها إليه الرئيس، وصدر بذلك مرسوم رئاسي رفيع، وقوبلت الخطوة برفض كبير في الرأي العام، خشية على أمن البلد من الصين.
فَهِم السفير الصيني أنه في ورطة، فأقام عشاءً لأربعة نواب برلمانيين يشرح لهم موقف الصين البريء.
بعدما تعشى النواب وسمعوا حجج الرجل اقتنعوا بالأمر وخرجوا راضين، وأجمعوا كلهم على أن الدجاجةَ كانت لذيذة.
محمد لغظف ولد أحمد
للظريف والكاتب الموريتاني