قبل أكثر من ثلاثة أعوام تنفس جميع الموريتانيين الصعداء بعد كشف النقاب عن البدء الفعلي لاستغلال تراخيص البث التي منحتها السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية لبعض المستثمرين في مجال الإعلام السمعي البصري.
اليوم وبعد مرور كل هذه الفترة يبدو ان منغصات كثيرة لا تزال تقف أمام الوجود الفعلي لمؤسسات إعلامية حقيقة بالمعايير التي تم حديدها من الهابا في دفتر الشروط والالتزامات.
فقبل عام ونصف من الآن أميط اللثام عن وجود عجز مادي لدى أغلب هذه المؤسسات ألقى بظلاله على المادة الإعلامية وجعل أغلب الإذاعات والمحطات التلفزيونية تتخلى عن خيرة أطقمها الصحفية والفنية كما ساهم في جعلها تبقى حبيسة العاصمة من حيث المنتج المقدم والانتشار والتوسعة ليشمل داخل البلاد.
وبتكتم كبير في بعض الأحيان واختلاق أعذار واهية في أحايين أخرى تم تجاوز الأمر والتستر عليه من منطلق يقول إن إعلام البلاد معني فقط بمشاكل الغير.
الحافظ ول عبد الله صحفي
لكن وبتكتم آخر ترزح أغلب هذه المؤسسات اليوم تحت أزمات خانقة قد تكون هي نهايتها الفعلية بعدما فشلت الغالبية العظمى في التكيف مع واقع يقول إن الأرضية في الأصل لم تكن ملائمة لوجود إعلام تجاري مستقل بسبب قلة الإشهار وفوضوية سوق الإعلانات إلى غير ذلك الأمرالذي جعل من إحدي هذه المؤسسات -في الأيام القليلة الماضية -تقدم على فصل جميع الصحفيين ممن ليست لديهم برامج ترعاها شركات الاتصال ولم تبقي إلا على اقل من عشرة صحفيين من أصل العشرات.
وفي الثانية يعمل الطاقم منذ ثلاثة أشهر دون رواتب وفي اليومين الماضيين جاءت الضربة القاضية من شركة موريتل التي قامت بقطع جميع خدمات الإنترنت والهواتف الثابتة عن المؤسسة بسبب تراكم ديونها مماجعلها تعتمد على مقاهي الإنترنت والحواسب الشخصية لتحرير نشراتها الإخبارية، أما الثالثة فأبلغت العاملين بها أنها لا يمكن أن توفر لهم رواتب شهرية لتخيرهم بين أمرين أحلاهما مر: المغادرة أو الخدمة بدون مقابل .
أما الرابعة والأخيرة فأبلغت عدد كبيرا من عمالها الليلة البارحة أنها عاقدة العزم علي التخلى عن أغلبهم كنتيجة حتمية للظروف المادية التي تعيشها وهو ماتم اليوم بالفعل.
بينما تشترك البقية في نفس الضائقة المالية ويتضح ذلك في بعض القرارات التي تصدر عن مسيريها بين الفينة والأخرى وعلى العمل اليومي ولقصة الرواتب والمصروف اليومي على العمل ألف حكاية وحكاية....
ومما يطرح كثيرا من الإستفهامات هو تزامن هذه الوضعية في وقت واحد، فهل حانت لحظة قراءة الفاتحة على روح الإعلام المستقل والعودة إلى الماضي التعيس.