لايختلف اثنان في أن ماتعاني منه موريتانيا الآن هو تركة العشرية التي خلفها النظام السابق ورمزه وليس من المنصف تحميل المسؤولية فيها للرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني.
إن تركة العشرية ليس من السهل القضاء عليها ولايمكن لرئيس أن يقضي عليها في مأمورية أو مأموريتين بل ربما يحتاج لثالثة للقضاء على تركة العشرية، ولايتحمل الرئيس الحالي مسؤوليتها، حيث تم فيها القضاء على العلم والنشيد ومقر مجلس الشيوخ الذي يعتبر أول قصر للرئاسة الموريتانية، وتم استبدال أسماء كانت رمزا للجمهورية الإسلامية الموريتانية كالقناة الرسمية، كما تم بيع المدارس والأسواق التي درس فيها الأجداد، وأصبحت أسواقا لبيع الهواتف، كما تم بيع مدرسة الشرطة، والملعب الوطني ومنطقة بللوكات، كما شهدت العشرية عمليات تزوير للدواء والمزاد الغذائية، كما تمت فيها أكبر عملية احتيال في تاريخ موريتانيا عمليات "الشيخ الرضى".
إن المقاطع الصوتية التي انتشرت مؤخرا تقول إن الإسلاميين هم من يتحكمون في موريتانيا فإن تلك الادعات أوهن من بيت العنكبوت، و ماهي إلاجزء يسير من مخلفات العشرية العرجاء.
ليس من المنطقي ولا من المستاغ عقلا ولانقلا أن يقوم بعض مرتزقة العشرية العرجاء بتحميل النظام الحالي بعض الاحتجاجات التي تحدث أمام القصر الرئاسي، أو مايعاني منه سكان حي "لميغيطي"، وساكنة العاصمة والداخل ولايعلم هؤلاء أويعلمون ويتجاهلون ذلك أن النظام السابق هو من يتحمل مسؤولية ذلك.
إن الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني تصدى لوباء كورونا الذي شل اقتصاد دول وشركات عالمية عملاقة، رغم أنه مازال يواجه تركة العشرية، حيث قام بكثير من الإنجازات لكنها لايمكن أن تظهر بسبب ماخلفته العشرية من كوارث وأزمات.
لم يكن ولد الغزواني يطمح في الحكم وأقرب دليل على ذلك أنه أنقذ الرئيس السابق محمد ولد العزيز بعد أن أشرف على الهلاك في المستشفى العسكري، حيث اتصل بشكل فوري بالعلامة الفهامة قطب زمانه فخر شنقيط والعالم الإسلامي الشيخ محمد الحسن ولد الددو، حيث قام برقية الرئيس السابق في المستشفى العسكري، ثم إنه كان خير خلف في تلك الفترة التي قضى الرئيس السابق يتلقى العلاج في فرنسا، لكن مجموعة من الموريتانيين المخلصين لهذا الوطن نتحفظ على ذكر أسمائهم رأوا في ولد الشيخ الغزواني الرجل المناسب في المكان المناسب، وحملوه المسؤولية، ولم يكن له بد من ذلك.
إن الحراك الذي تشهده موريتانيا الأن ويتصدره رموز العشرية ممن أهلكوا الحرث والنسهل وأتوا على الأخضر واليابس لايخفى على أحد هدفه وماتنوي تلك الثلة القيام به من وارء ذلك الحراك، فماذا ستقدم تلك الثلة لموريتانيا وهي التي كانت تحكمها يوم أمس.
أما من يقولون إن المعارضة أصبحت عاجزة أوصامتة فحقيقة ألأمر أنها وجدت ضالتها التي كانت تنشد في الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني، بعد أن قام الرئيس السابق بتصفيتها ماديا ومعنويا.
لاشك أن ولد الغزواني لديه معاونين أكفاء من المدنيين والقادة العسكريين والأمنيين، لكنه يحتاج لمأمورية ثانية أوثالثة للقضاء على تركة العشرية العرجاء، التي أفسدت الأخلاق والتراث والقيم، وماتبقى من شيم الموريتانيين القدامى.
آتلانتيك ميديا