
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن العلاقة الموريتانية المغربية وما يترتب عليها من أمور حساسة ومؤثرة تنعكس على الساحة السياسية في البلدين، وليس خفيا أن العلاقة بين بلدين متحادين بحجم موريتانيا والمغرب لا تخلو من خلافات بحكم الحياة السياسية والتحولات التي تشهدها المنطقة، لكن تجدر الاشارة هنا الى أن دور الاعلام لا يجب أن يكون تصعيد خلافات ورفعها لمرتبة الازمة دون أن يكون ذلك واقعا بالفعل.
كما لا يفوت المتابع لواقع المنطقة الافريقية أنه منذ أن أصبح محمد ولد عبد العزيز رئيسا للاتحاد الافريقي وموريتانيا تسهرعلى تقوية العلاقات بين جميع الدول المتجاورة لتقوية الصلة بين دول المنطقة وجعلها كالبنيان المرصوص وذلك على جميع الأصعدة، ضف إلى ذلك أنه منذ فترة وجيزة تعالت أصوات كثيرة معلنة عن تدهور العلاقات الموريتانية المغربية، إلاّ أن التبادلات الاقتصادية والتجارية والرحلات السياحية و الزيارات التي تم تبادلها بين المسؤولين المغاربة والموريتانين كذبت ذلك، وأظهرت أن موريتانيا والمغرب تعيشان حالة طبيعية من التجاذبات السياسية والدبلوماسية أضفى عليها الاعلام ظلالا عاتمة لتبدو وكأنها أزمة تلوح في الأفق في حين أن واقع العلاقة بين البلدين على ما يرام.
وخير دليل على ذلك سلسلة الزيارات المتبادلة بين وزراء موريتانيين ومغاربة ومن ذلك مشاركة الدكتور سيدي ولد سالم وزير التعليم العالي والبحث العلمي في العاصمة المغربية ندوة حول المنتدى الافريقي للعلوم والتكنولوجيا والابداع منظمة بالتعاون بين وزارة التعاون الفيلندية والبنك الافريقي للتنمية في الفترة من الثالث عشر وحتى الثامن عشر من أكتوبر الجاري، وكذا زيارة وزير الداخلية واللامركزية السيد محمد ولد أحمد سالم ولد محمد رارة، للمملكة المغربية حيث ترأس اجتماعا لوفدين رفيعي المستوى لبحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك وتعزيز التنسيق والتعاون بين البلدين في عدد من المجالات، وشكل اللقاء انطلاقة جديدة للتعاون في مجالات اختصاص وزارتي داخلية البلدين، مشددا على أن القضايا الأمنية ينبغي أن تكون موضوع "تنسيق كبير جدا بين البلدين، لاسيما أن هذا التعاون له تاريخ طويل وسنعززه".
وأضاف أن اللقاء يأتي في إطار تعليمات جلالة الملك محمد السادس وفخامة الرئيس الموريتاني من أجل الارتقاء بالعلاقات التي تجمع بين البلدين إلى "علاقات استراتيجية للتعاون"، مشيرا إلى أن الجانبين سيكون لديهما "الوقت الكافي لتدارس كل هذه النقاط التي ستمكن من إعطاء هذه الانطلاقة الجديدة"،وبخصوص التحديات الأمنية في المنطقة، قال السيد محمد حصاد إن موريتانيا والمغرب من البلدان التي تنعم بالاستقرار في هذه المنطقة، مبرزا أن هذا التعاون سيمكن من زيادة التنسيق بين البلدين للحفاظ على هذا الاستقرار.
ثم إن العلاقة التي تربط موريتانيا بالمغرب ليس علاقة دولتين متحادتين فحسب، بل هي ثمرة نامية لأخوة تاريخية ضاربة في الأعماق وأكبر من أن تصل للأزمة، وزادت على ذلك ما يجمع العاهل المغربي محمد السادس بالرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز من أواصر الاخوة حتى أصبحت أقوى وأرسخ من أن توصف بالتدهور أو التأزم.
ويرى بعض المتابعين للساحة السياسية أن هذه الزيارات لا تعدو أن تكون مقدمة وتمهيدا لتبادل زيارات مرتقبة بين العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، ولا يحول دون هذه الزيارة سوى بعض التنظيمات البروتوكولية بل أنها أصبحت مسألة وقت.