
تخيب كل القراءات السياسية والتحليلات الصحفية في محاولة رسم الصورة القاتمة للمشهد السياسي اليوم في موريتانيا، ولا يجد المنصف وناشد الحقيقة، دربا مقنعا سوى أن جل ما يطفو على السطح اليوم هو انعكاسات لوجود بقايا مومياء من الأنظمة السابقة تسكن أرواح أصحاب المناصب السامية في الدولة، وتتحرك بكل حرية وتخدم مسارها الخاص في العلن.
لقد بدأت أصوات المخادعين تخرج عن السيطرة، وتساؤلات الرأي العام تتكرر ماذا يحدث في موريتانيا؟ ومن يقف خلف هذه الاحتجاجات والوقفات التي تخدم مصالح خاصة؟، وتظهر وكأنها في صف المواطنين وتعمل لمصلحتهم؟
من الشامي إلى باسكنو إلى ازويرات إلى نواذيبو إلى تجكجه إلى الطينطان وحتى ما يحدث هنا في نواكشوط، من تحطيم مكانة النظام الحالي وضربه في المقاتل من طرف أيادي من داخله وعلى اطلاع بكل أسراره، ضربات انتقامية تتجسد في بعض الفوضى المتزامنة والمظاهرات والاحتجاجات المتكررة، والتي يبدو وفق المتابعين للشأن الوطني أن لها وجهين ظاهر وباطن، وما يكشف اللعبة أنه يتم خلالها العبث بأموال الدولة وتنتهك مكانتها وحرمتها، ويعاث بسمعتها ويتم الاعتداء فيها على أفراد الأمن، دون أن يتم أي تحقيق في خلفيات هذه الاحتجاجات ومن يقف خلفها؟ وهل أهدافها فعلا ما يتم رفعه في اللافتات البارزة؟ أم يوجد هدف خفي ونتائج صراعات مصالح سياسية محلية؟
إن مظاهر الفساد اليوم تتجسد في كل شيء، وطبول الخديعة تضرب بالعشي والإبكار، فأحاديث الصالوهات، وتصريحات السياسيين العنصريين، وتدوينات رواد مواقع التواصل الاجتماعي منشدي العالمية.
إن ظاهرة تنامي أعداء النظام من المقربين منه قديمة، لكنها برزت أكثر في هذا النظام الحالي، وأصبحت خدمة الفتنة مدرة للدخل، وتعود على صاحبها بمنافع مادية سريعة، ووجد هؤلاء المفسدين ملاذا في التفرقة ودعم الشحن العنصري وتنامي الفوضى، والنعرات القبلية، ويجدون مصالحهم الخاصة في الفوضى وفي ضرب النظام في مقتل، ثم يعودون للاختفاء في أقنعتهم الداكنة.
ويبقى السؤال المطروح متى يستفيق نظام ولد الشيخ الغزواني؟ وينظر حوله ويعرف أنه يوجد من بين الجماعة المقربة منه، والتي يكل إليها شأنه ويضعها على عاتقها مسؤولية شعبه وتطبيق برنامجه السياسي، مخادعون، وأصحاب نيات سيئة، نجحوا في خدع الأنظمة السابقة، ولم تعد أعمالهم خفية فقد ارتفع دخانهم على عنان السماء، ولم يعد قابلا للإخفاء، فيجب إبعادهم من الواجهة، قبل أن ينجحوا في مخططاتهم الخبيثة التي لن تبقي ولن تذر نفسا للحياة في هذه الدولة.