إلى أولئك الذين لا يريدون إلا ما "يأتي في المرجن" / مصباحة ولاد

حين بدأ فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مأموريته بإعادة تطبيع المشهد السياسي، من خلال إعادة ثقة كل شركاء الوطن -موالاة ومعارضة- في الدولة، كنا واثقين أن فخامته يهيئ الأرضية لتنفيذ "تعهداتي" لأنها تستهدف الجميع، ولأنها كانت عهدا للجميع، قلنا ذلك وقتها، وراهنّا عليه، تماما مثلما راهنّا أول مرة على صاحب الفخامة، على خبرته، وعلى كفاءته، وعلى وطنيته، وعلى أخلاقه.. لكن كثيرين ظلوا يشككون ويتوجسون ويغمزون ويسخرون، ويرددون -في أحسن الأحوال- أن لا شأن للفقراء بهذا الأمر.. وأن دعوة قيادات المعارضة (والشخصيات المرجعيات عموما بالبلد) وبناء الثقة من جديد بينها وبين الدولة، أن لا علاقة لهذا بواقع الفقراء ولا التنمية في البلد!
اليوم يجيب الواقع والسلوك أولئك المشككين، ويبين لهم أن ذلك المسلك لم يكن هدفا بحد ذاته، وإنما كان طريقا -فقط- ووسيلة لجيوب أولئك الفقراء وبطونهم.. قولوا لأولئك الذين كانوا يرددون عند كل ثناء على أخلاق فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، يرددون أن "الأخلاق لا تطعم من جوع ولا تكسو من عري" قولوا لهم -بل اتركوا الواقع يقول لهم- إنه إذا كانت الأخلاق -كما يرون- لا تفعل ذلك، رغم أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، فإن خمسة مليارات تم توزيعها مائات آلاف الفقراء والمهمشين أنها تأتي في "المرجن" وأن اقتطاع مخصصات شهرية دائمة لذوي الاحتياجات الخاصة، ولمن يعانون الفشل الكلوي، وتأمينهم الصحي الشامل، قولوا لهم إنها تأتي في "المرجن" وأن تأمين 620 ألف مواطن موريتاني فقير تأتي في "المرجن" بل وبما هو أهم من "المرجن" لأن المرضى -إذا بقوا على قيد الحياة- فاقدون للشهية..!
خلال ما يربو على العقدين (عمر صندوق الضمان الصحي) أمن الصندوق 500 ألف من الموظفين والمتقاعدين، وبضمان 90 في المائة، وفي بعض المستشفيات العمومية فقط، ومقابل اقتطاع شهري من رواتب المعنيين، ورأينا ذلك، ورآه الكل، إنجازا عظيما واستثنائيا، فما بالك حين يكون رقم المؤمنين يزيد بنصف الضعف تقريباً، وبتأمين وصل 100 في المائة، وعلى كل المستشفيات والمراكز والنقاط الصحية العمومية، وفي ظرف لا يبلغ السنتين، ودون اقتطاع شهري من رواتب المعنيين (لأنهم في الأصل لا رواتب لهم)..!
نحن في الحقيقة -من خلال حدث الجمعة الفارط- أمام محطة كبرى من محطات وجود الدولة، إذ لم يكن (كنام) رغم ما يقدمه من خدمات جليلة ومهمة -قبل الآن- إلا شركة تأمين تقدم خدمة مقابل ضريبة، لكنها مع هذا الحدث أصبحت شركة عمومية تقدم خدمة على أساس المواطنة والاحتياج.
قولوا لأولئك الذين لا تهمهم "البنية الفوقية" ولا يرونها ضرورية ولا مهمة بالنسبة للمواطن العادي، قولوا لهم إن مضاعفة رواتب المتقاعدين وعلاوات المدرسين مكسب عظيم بالنسبة للمواطن العادي، وأنه المستفيد الأول والوحيد منها.. قولوا لهم إن إنشاء الأقطاب التنموية في المجالين الرعوي والزراعي تهم المواطن العادي كثيرا.. وأن "الألبان" و"اللحوم" و"الخضروات" تأتي -هي أيضا- في "المرجن" قولوا لهم إن إنشاء جسرين في عاصمة تجاوز عمرها ستين عاما دون أن تعرف معنى كلمة جسر، قولوا لهم إن الجسور -فعلا- لا تأتي في "المرجن" لأنها أكبر منه؛ لكنها يمكن أن تُسرّع من نقل الأرز والدقيق والزيت وتخفض نقلهم.. قولوا لهم ذلك لأنهم لن يفهموا القول إنها -أي الجسور- تعطي مظهراً حضاريا وجماليا للمدن.
مصباحة ولاد

اثنين, 31/05/2021 - 14:59

          ​