
كان الأولى بولد الشيخ الغزواني بعد أن ترشح لرئاسيات من خارج منظومة الأحزاب السياسية الموالية ووصل إلى الحكم من أجل التغيير والاصلاح أن يبدأ مرحلته من جديد وأن لا يبني على الأسس التي سبقته، فكان كمن خلط عملا صالحا بآخر سيئا، وكانت حكومته استمرارا لما سبقه، حيث إن أغلبية أعضاء الحكومة والبرلمان والامناء العامون والحزب الحاكم ورجال الأعمال هم أنفسعهم من كانوا يشغلون المناصب ذاتها في النظام السابق.
وحقيقة الأمر أنه لم يحدث أي شي جديد مخالفا لما كان قائما، فقد تبدل أهل غده في النظام السابق بأهل غده جدد، وإذا كان للنظام السابق ولد امصبوع فإن النظام الحالي جاء بولد امصبوع جديد، و أبعد ولد انجاي، وولد اوداعه، وجيء بولد بوعسرية صاحب التآزر، وغيره..
وأين كان عزيز ولد الداهي و محافظ البنك المركزي الحالي، ورئيس أرباب العمل وغيره من رجال أعمال العشرية والمسؤولين الكبار في الدولة الآن؟
إنه على من يريد أن يقضي على الفساد الذي كان قائما خلال العشرية أن يبعد رجاله الذين أنجزوه واستفادوا منه، أكا أن يمنحهم الثقة التامة ويقصد رجلا واحد محددا، فذلك ليس عدلا وليس سوى تجذير للفساد ومنحه فرصة اخرى.
إنه من المؤكد أن الأغلبية من قادة المؤسسة العسكرية والأمنية، وعلى رأسهم وزير الدفاع الفريق حننه ولد سيدي، ومدير ديوانك يا ولد الشيخ الغزواني، هم الصادقون معك ويدعمونك بصدق، أما غيرهم فأنت أدرى بحقيقتهم، وكنت في المخابرات العسكرية سابقا ومديرا عاما للأمن الوطني، وأدرى بما يجري في موريتانيا، وأنت مطالب بتوقيف الإهانة التي يعاني منها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، فيجب أن يؤخذ فيه قرار نهائي، فإما أن يسجن إذا ثبت عليه شيء، أو يطلق سراحه، فلا يجوز المس من كرامة من حكم موريتانيا أيا يكن.
وإذا أردنا أن نصف واقع موريتانيا اليوم فهو ليس سوى أن الشعب راح ضحية مسرحية سيئة الإخراج، يتم فيها التركيز على الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز واستهدافه من طرف نظام هو من زرعه من الأصل، ولسنا هنا للدفاع عنه، لكنها حقيقة تحتاج للشجاعة.
فبدون حل البرلمان والبلديات وحل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وإعادة تشكيل حكومة جديدة لا تمت بصلة للعشرية، وإنشاء حزب جديد، فإنه لا إصلاح ولا تغيير، وإنما يجري مجرد ضحك فقط على عقول المواطنين الموريتانيين بكل جراءة.
ومما لاشك فيه أن ولد عبد العزيز وإن كان هو من قاد موريتانيا خلال الفترة الماضية وهو صاحب الكلمة الأخيرة لكنه لم يكن يعمل وحيدا، وليس تخصيصه بالتحقيق إنصافا، فها هم من شرعوا له كل قرارته جلوس في مقدمة الركب و في مناصب سامية ويوصفون بالمسؤولين، فعن أي محاربة للفساد يتحدث هذا النظام، وعن أي تحقيقات؟ فمحاكمة البعض وترك البعض الآخر هي ظلم وإساءة للعدالة والقضاء، في ظلم حكم يقول إنه جاء للإصلاح.
إنه من المفاجئ لنا كمراقبين، أن المدونين أصحاب الصفحات أصبحوا ينالون رواتب من مؤسسات الدولة كجيوش للدفاع وستر الفشل، فالدولة أكبر من مواقع التواصل الاجتماعي وأكبر من حدود الاعلام، ويجب أن تكون لها هيبة وخطوط حمراء، ولا شك أن ولد الشيخ الغزواني جاء بنية صادقة، لكنه اليوم في قبضة ذلك اللوبي الذي كان يسيطر خلال العشرية، وخدع ولد عبد العزيز وتنكر له كما سيفعل بولد الشيخ الغزواني.
اتلانتيك ميديا