الإصلاح الإداري . قوة للدولة / د.محمدعالي الهاشمي

ان التطور والتقدم والحداثة في أي شأن ومكان يتبع الفطرة الحياتية للتغيير وحركة التاريخ وتحولاته المتنوعة، وهنا يأتي الإصلاح على انه العمل الصحيح السليم لكل جوانب الحياة والذي يستقيم مع سنة الحياة حيث ورد الإصلاح في القرآن الكريم باعتباره نقيض الفساد بقوله تعالى (الَّذِينَ يُفْســـِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ). وقوله سبحانه (وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْـــسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُون) صدق الله العظيم.

اذاً تعتبر الإدارة أهم عوامل النجاح بالحفاظ على قوة الذات بتسيير حركة الإنتاج وتحسين الأداء وحسن التصرف، وهذا هو الذي يمثل كفاءة الأجهزة الإدارية للدولة للحصول والوصول الى إنجازات على أرض الواقع، ومن خلال الابتعاد عن الطرق النمطية التقليدية والتي تقضي على حركة الإبداع والابتكار، والتحول إلى اللامركزية وبكامل الاستقلالية الإدارية والمالية، الى جانب إشراك القوى المجتمعية في اتخاذ القرارات الهامة وتحمل نتائجها.

وحيث أن المجتمعات تطالب دوماً بالاستجابة للتطور والتقدم العلمي والتقني وبما يتماشى مع التغييرات السياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها، لذلك هناك ضرورة دائمة لتحديث الأنظمة والهياكل الإدارية وأساليبها وأدوات وتقنيات عملها وأهم ما فيها القوى البشرية وأجمل وأسهل ما فيها أنها مطالب جمعية من كل الناس.

هنا تأتي أهمية الإصلاح الإداري، لأنه هو الذي يمثل ويحقق التطوير السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ويجب ألا تنتهي عملية الإصلاح حتى تبقى مواكبة للمتغيرات المستمرة، من حيث عدد السكان والحالة الاجتماعية العامة للشعب وتنوع المصالح التجارية والصناعية والتغير والتجدد التكنولوجي المتسارع والتنسيق الإداري للدولة مع العالم الخارجي والذي يسبق مناطقنا بالكثير.

أما الفائدة من كل هذا الإصلاح الإداري فهو الذي سينعكس أولاً على الجانب الداخلي المعني بالحكومة عبر أجهزتها المختلفة، وعلى أساس منظومة للقيم والمبادئ الوطنية التي تساعد على ضبط سير العمل في أجواء إيجابية يرى نتائجها الجميع، وذلك ضمن العدالة وتعزيز التطوير الشخصي واعتماد المرونة والتخلص من البيروقراطية، وهذا يعزز من المسؤولية ويرتقي بالأداء الوظيفي ويقوي الولاء المؤسسي، وينعكس ذلك إيجابا على الخدمات المقدمة للناس، أما رفع الإنتاجية وتجديد وتطوير الخدمات هي الفائدة من هذا الإصلاح على الصعيد الخارجي.

وهنا من الممكن أن يواجه الإصلاح معيقات توقف وتقلل من تحقيق المطلوب, منها عدم توافر الظروف المناسبة لبدء التغيير من ناحية مالية أو تشريعية أو اجتماعية أو تقنية أو بيئية أو سياسية، إضافة إلى إمكانية وجود عناصر تعمل بشكل معاكس ومضاد لعمليات الإصلاح، لكن يجب البدء بالإصلاح لأنه يخص الوطن ومطلب الأغلبية وهو حديث الناس لا بل واحياناً معاناتهم وهنا يمكن للدولة وارادتها تقليص نفوذ فئة الاتجاه المعاكس للتغيير والإصلاح، قال تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْســـِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) صدق الله العظيم.

والكل يعلم أن الإصلاح نقيض الفساد، ونحن هنا نتألم ونتكلم انه كل ما جاءت حكومة أعلنت وفوراً عن برنامج اصلاح اداري لكننا لا نرى الا تردي اداري. نحن بحاجة ماسة الى استراتيجية وطنية لإصلاح إداري شامل وهنا يجب على القيادة السياسية أن تتبنى الإصلاح الإداري كعملية قيادية قبل ان تأمر بتنفيذها وذلك حتى لا تصبح مجموعة من الإجراءات والتعديلات البسيطة التي لا تلامس جوهر المشكلات الإدارية. ‏

ثلاثاء, 08/06/2021 - 15:58

          ​