محامٍ يقترح إدراج جريمة «الاغتصاب» ضمن دائرة «الحرابة» وتشديد عقوبتها

الخلل التشريعي بشأن جريمة الاغتصاب:
1-الاغتصاب في القانون الموريتاني جريمة مركبة، تجمع بين الزنا والإكراه والتعنيف، لذلك جمع له القانون عقوبة الزنا بالحد إن توفرت شروطه، وعقوبة الاشغال الشاقة المؤقتة مقابل الاكراه والعنف، غير أنه نتيجة لصعوبة إثبات جريمة الزنا بالمثبتات الشرعية المعروفة، وسهولة درء الحد بالشبهات وعدم تنفيذ الحدود، يتم الاكتفاء بالعقوبة التعزيرية التي هي الأشغال الشاقة المؤقتة.
2-مدة الأشغال الشاقة المؤقتة تتراوح بين 5 الى 20 سنة وفق المادة 18 من القانون الجنائي، والغريب أن المادة 24 من قانون الحماية الجنائية للطفل -وهو قانون خاص- تنص على عقاب الاغتصاب الواقع على الأطفال بالسجن من 5 إلى 10 سنوات فقط، أي أن الحد الأعلى لعقوبة اغتصاب البالغين -الذي لا تتوفر فيه شروط اقامة الحد- هو 20 سنة سجنا، بينما الحد الأعلى لعقوبة اغتصاب الأطفال-الذي لاتتوفر فيه شروط اقامة الحد أيضا- هو 10 سنوات فقط.
3-عاقبت المادة 309 من القانون الجنائي محاولة الاغتصاب بالأشغال الشاقة المؤقتة، ثم عاقبت الاغتصاب التام بالأشغال الشاقة المؤقتة أيضا، -طبعا بالاضافة إلى حد الزنا إن توفرت شروطه- ثم جاءت المادة 310 بظروف تشديد من قبيل كون الجاني من أصول المجني عليه (والديه مثلا)، أو من لهم عليه سلطة، لكن المادة عاقبت ذلك أيضا بنفس العقوبة التي هي الأشغال الشاقة المؤقتة، فمحاولة الاغتصاب والاغتصاب الكامل والاغتصاب في ظروف مشددة متساوون في العقوبة!!
4-هذه العقوبات التي نص عليها القانون الموريتاني بشأن الاغتصاب، تشوبها شائبة الاضطراب على مستوى النص، فضلا عن كونها لا تحقق الردع العام المطلوب، لذلك لابد من تدخل المشرع من أجل رفع هذا الاضطراب وتشديد العقوبة.
5-إخراج الاغتصاب الواقع مغالبة من دائرة جريمة الزنا وإدخاله في جريمة الحرابة أولى، فكما أن المحاربة تتحقق بإزهاق الأنفس، وسلب الأموال، فهي تتحقق أيضاً بانتهاك الأعراض، وفي هذا يقول القاضي ابن العربي – رحمه الله- في أحكام القرآن إن الحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال، وإن الناس كلهم يرضون أن تذهب أموالهم وتحرب من بين أيديهم، ولا يحرب المرء من زوجته وبنته، ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن يسلب الفروج، فالاغتصاب سعي في الأرض بالفساد وإخافة للطريق، وقياس غصب الفروج بالقوة على غصب الأموال بالقوة، هو كقياس الضرب على التأفيف، لذلك يتعين رفع العقوبة لتكون حد الحرابة الذي هو: (القتل أو الصلب أو تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف أو النفي من الأرض). 
6-سنستفيد مسألة أخرى مهمة من تكييف الاغتصاب بالحرابة، وهي أن شهادة الضحايا ضد مرتكب الحرابة تقبل عند المالكية، كما يمكن إثبات الحرابة بشهادة السماع أيضا عند المالكية (وفق ما نقله ابن رشد في بداية المجتهد).

خميس, 17/06/2021 - 16:37

          ​