·بعد أيام قليلة من سجن عزيز توقفت كل جرائم القتل و السطو و الاغتصاب التي أرعبت سكان نواكشوط، فهل كانت مجرد صدفة؟
و في موجة ثانية من تفعيل الغامه الموقوتة، أطل علينا الزعيم مسعود في خطاب جديد باسم معارضة (ملفقة من أكاذيب العشرية) لا ندري من أين تستمد معنى اسمها و لا بماذا تخفي حقيقة صفتها:
- هل كان مسعود يعارض عزيز من جبهة المجلس الاقتصادي و الاجتماعي المصمم على مقاس صمته؟
- هل صار مسعود يعارض غزواني بعد طول انتظار لم يكن من طبعه؟
- هل تعتقد تواصل التي تدعم كل الحركات الانفصالية في البلد لإرضاء الأجندة الغربية لأسبابها المعروفة، أنها ما زالت تستطيع أن تنتزع شرعية زعامة معارضة طعنتها ألف مرة في الظهر؟
- هل تعتقد خلايا مخابرات عزيز المعلبة في أحزاب صورية، أن ما زال في بلدنا من تستطيع إقناعه بحزبيتها و معارضتها ؟
تناقض مسعود أصبح جزءً من تراث السياسة الموريتانية ..
أكاذيب تواصل أصبحت ماركة تجارية مسجلة ، لا يقول أصحابها أبدا ما يفعلونه و لا يفعلون إلا بالخطأ ، ما يقولونه..
و يكفي الوقوف على بيانات بقية الطابور الخماسي (عددا)، الخامس (مددا)، لمعرفة كيف وقعوا في بُرْدَةِ أخماسهم ، في غفلة من الأجهزة الأمنية ؟
لقد كان من السهل أن نفهم لماذا الآن ، بعد فشل الخطة (ب)، كما فهمنا لماذا كانت موجة العنف الماضية بعد فشل الخطة (ا).
- خطاب مسعود كان تسجيل موقف (مدفوع الثمن)، في إعلان موقف يبحث عن آخر..
- صمت تواصل (في مؤتمره الصحفي)، كان إعلان بحث عن معارضة بديلة ، تقبل رئاسته لجبهة لم يكن يوما منها إلا في مهمة رسمية.
و كان على البقية أن تظل بقيةً على هامش الأعداد الصفرية، كما وُلدت و كما عاشت و كما ستبقى حتى إخماد شعلتها الأخيرة..
لقد تمت تسوية ما تسمونه ملف الإرث الإنساني في أربع اتفاقيات ، تم تنفيذها جميعا بالحرف و بموافقة كل الأطراف و عليهم إذا كانوا يريدون اليوم حوارا لطرحها يا مسعود، أن يعيدوا كل ما أخذوه في الاتفاقيات الأربعة الماضية و يطرحوا مظلمتهم من جديد . و كان من الإنصاف الذي تعودنا عدم إنصافكم فيه، أن تتذكروا قتل و تعذيب و تسريح البعثيين و الناصريين باتهامات واهية و قتل أصحاب 16 مارس من دون محاكمات ، قبل التلميح و التلويح بقضية انقلابيين عنصريين ما كان يمكن أن ينجحوا في غير تصفيات عنصرية لساعات محدودة.
و كان على مسعود أن يحدد لنا في ما ذا يتجسد ظلم لكور و في ماذا يتجسد غبن لحراطين!؟ و نشير هنا بأسف كبير، إلى استخدام مثل هذه التسميات و أسفنا أكبر أن يكون مسعود هو من يعيدنا إلى استخدامها..
و يستطيع كل مُلاحظ نبيه و دون العودة إلى أي إحصائيات، أن يرى بوضوح أن أكثر من يعاني البطالة اليوم في هذا البلد هم البيظان و أكثر من يعاني من العنصرية هم البيظان . لكن التاريخ و هذا ما لا تحسبونه مثل كل أخطاء الماضي ، سيسجل أن إحساسهم العالي بالمسؤولية هو كان ما يمنعهم من الرد على مثل هذه الترهات المفتعلة..
- يمثل البيظان يا مسعود (سمرا و بيضا) حتى اليوم نسبة 99٪ من النخبة المتكلمة بالفرنسية (و لا أقول الفرنكوفونية لأن الفرنكوفونية انتماء تبعي استعماري، مخجل)و بشهادات عالية من أعرق المعاهد و الجامعات الفرنسية و العالمية، فلماذا يكون التعريب استهدافا لغيرهم ؟
- أبشع مظاهر العبودية يا مسعود و أكثرها إيلاما هو كان بيع الأسرة لابنها بوطأة قدمه من الملح. و أرحم عبودية عرفتها البشرية هي كان ما حصل في موريتانيا و بسبب رفض علماء البلد لإهانة الإنسان بما كرمه الله (هذه حقيقة ، لا أقولها دفاعا عن العلماء و لا تقليلا من بشاعة استعباد الإنسان للإنسان) : لقد ساهم الجميع في كل ما حدث يا مسعود و لا أحد يستطيع تقويم اعوجاجات تاريخ رسمت خرائط مده سيوف طغاة الحروب و جيوش الاستباحة..
لقد ساهمت فرنسا في ترسيخ آخر نسخة من العبودية و القبلية و الشرائحية في البلد تماما مثل ما فعلت في السنغال و مالي و غيرها من الدول الإفريقية و تساهم حتى اليوم في استمرار هذا الوضع بطرق أذكى فقط، فلماذا تعتبرونها اليوم قبلة الأحرار و سند الحق؟ ما لكم كيف تحكمون ؟
ما زالت العبودية حتى اليوم في السنغال و مالي ممارسة قهرية تبصق على الدساتير و القوانين، فلماذا نحن وحدنا يا مسعود؟
ألأننا شعب عربي مسلم يأبى الاستجابة للمد الاستعماري المسيحي؟
سيظل ذلك مصدر فخرنا و اعتزازنا يا مسعود ، فاشهد.
ما كان لي أن أرد على جاهل صنعته مخابرات عزيز و جندته و صنعت منه تهديدا لوحدة بلد تحميها قساوة رجاله في الشدائد و لينهم عند الحاجة و لا أن أرد على دياسبورا إفريقية صنعتها الصهيونية الفرنسية على هوامش تشكيل الخرائط الملغومة، ليس لديها ما تخسره و لن يكون لها هنا قطعا ما تربحه. أما أنت يا مسعود ؛ رئيس المجلس الاقتصادي و الاجتماعي، رئيس البرلمان، الحاكم و الوالي لأكثر من عشرين سنة، زعيم الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية و مرشحها للرئاسيات، فبماذا يمكن أن نلتمس لك العذر يا رجل؟
سنة 1971 تم اختيار ولد داداه رئيسا للاتحاد الإفريقي و لأول مرة في نظام القارة، تمت إعادة اختياره في السنة الموالية (72) . و خلال السنتين قطعت أو جمدت أكثر من أربعين دولة إفريقية علاقاتها مع الكيان الصهيوني، لتقول غولدا مايير "من بين الدول العربية و الإسلامية الأكثر عداء لإسرائيل، موريتانيا و سيأتي يوم ندخلها مشكلة لن تعرف كيف تخرج منها" ٠
هذا الوعد يا مسعود، لم يغب يوما عن وعي حراس الذاكرة و الوجدان في هذا البلد . و لم تحرك إسرائيل فيه عود ثقاب من أفلام إلى إيرا انتهاء بتواصل المتغشم ، إلا تحت رادار أعيننا و وعينا و توقعاتنا.
كل الشعب الموريتاني يا مسعود عربا و زنوجا يعيشون في انسجام كامل و قد فهمنا الآن أخطاء الأنظمة الماضية و جبنها في مواجهة زنوج فرنسا و عرب إسرائيل و على من يعيشون على هذه الملفات أن يودعوا ابتزاز النظام و استنزاف البلد لأن شعبنا لم يعد يقبل.. لأن كل الأوراق و الادعاءات و التلفيقات انكشفت و احترقت أوجه و أصابع مختلقيها .. لأن فرنسا المحركة لكل شياطين القارة و المفجرة لكل مآسيها ، انهزمت جيوشها و فرانس - آفريكها و فرانكوفونيتها و رماتها و عبدتها .. لأن كل شعوب القارة اكتوت بنيران حروب التفرقة و التخلف بسبب خيانة عصابات الارتزاق الإفريقية المجندة من قبل فرنسا لاستمرار سياسة "فرق تسد" . فليتذكر هؤلاء اجتماع البرلمان الفرنسي لتجريد إيدي آمين دادا من الجنسية الفرنسية بعدما ركب طائرته هاربا إلى باريس .. و ليتذكروا مجزرة الرماة السنغاليين في تياروي (على بعد عشر كيلومترات من داكار ) حين طالبوا بمعاشاتهم بعد انتهاء الحرب (نزعوا أسلحتهم و أطلقوا عليهم النار)..
من لا يتعلم من التاريخ يا مسعود، لن يصنع التاريخ