التعريف بالمجاهد
هو البطل محمد أحمد ولد سيد ألمين ولد المختار الملقب "أخطور " ولد الشرقي ولد شنان ولد بوب ولد عمني ولد سنة 1885 في أطار ، التحق بالشريف أحمد حماه الله وأخذ عنه الطريقة التجانية وقدمه فيها ، وعاد إلى أطار في بداية عهد إمارة المجاهد الأمير سيد أحمد ولد أحمد ولد سيد أحمد ولد عيدة ( 1904 ) لينخرط معه في مقاومة شرسة ضد المحتل الأجنبي إلى حين وفاته سنة 1934، يقول الباحث غيثي ولد امم في كتابه : إمارة أولاد يحي بن عثمان " بأن محمد أحمد ولد اخطور كان يضطلع بدور الوزير للأمير سيد أحمد ولد عيده كما كان ابراهيم ولد مكيه وزيرا للأمير أحمد ولد أمحمد ، فكان يقوم له بتسليم الرسائل وكثير من المهمات الخطيرة " ص 22.
مقاومته للإحتلال الفرنسي
وقد شارك محمد أحمد ولد اخطور في معارك الأمير سيد أحمد ضد المحتل الفرنسي في معارك "آزويكه " في دجمبر 1908 في اينشيري وأغسرمت في 30 ابريل 1909 ومعارك الحوض ومعركة تيشيت في 1911 التي جرح فيها الأمير سيد أحمد ولد عيدة.
وعندما استلم الأمير سيد أحمد مقاليد الإمارة من جديد سنة 1913 أصبح سفيره الأمين في المهام الخارجية ومستشاره في أمور الحكم.
ولكن الأمير سيد أحمد ظل البطل المقاوم الذي يرفض الخضوع لنير الاحتلال وظلمه، فخرج في مطلع شهر مارس 1932 مهاجرا عن إمارته وملكه، وفي الساقية الحمراء سيتمكن من إعادة تنظيم صفوف المقاومة ليحرر آدرار من هيمنة الاحتلال .
وعندما علمت الإدارة الاستعمارية جن جنونها وأعلنت التعبئة للحاق به وإعادته بأي ثمن، وكلف النقيب Le coq لكوك قائد فرقة شنقيط المتنقلة بالمهمة ، وقد اعطى أوامره للملازم Mussat "ميسات" بالانطلاق في أثر الأمير وإعادته إلى أطار .
واندفع الملازم من قاعدة الكتيبة في البيظ رفقة عشرة من الحرس وعشرة من الرماة ووصلوا إلى مخيم الأمير صباح يوم 13 مارس في "غرد درموز" ولم يكن الأمير سيد أحمد في ذلك الوقت متواجدا في الحلة ولكنه لما عاد اجتمع بالملازم ميسات وأعلن له رغبة الإدارة الاستعمارية في عودة كافة المخيمات من زمور إلى الجنوب وذلك لضمان حمايتهم حسب ادعائها وخاطب الملازم الأمير سيد أحمد قائلا : " نحن نريد أن تكون أول من يمتثل لهذا حتى يحذو الجميع حذوك"..
ووافق الأمير على طلب الملازم وطلب منه الانتظار حتى صباح الغد لمرافقته ، وفي الليل اتفق الأمير مع قائد الحرس المرافق لميسات الشيخ الكوري ولد المشظوفي على القضاء على مفرزة الاحتلال ومواصلة التوغل شمالا من دون عوائق وتم تكليف البطل محمد أحمد ولد اخطور بأن يطلق النار على الملازم ميسات عند أول سانحة.
وفي فجر يوم 14 مارس قسم الملازم ميسات رجاله إلى قسمين 8 من الحرس و 5 من الرماة يرافقونه مع الأمير سيد أحمد إلى موقع البيظ حيث مقر كتيبة النقيب لكوك و 3 من الحرس وخمسة من الرماة بقيادة الرقيب أول نيجرومي يتولون مهمة ترحيل المخيم واللحاق بهم مباشرة ..
وهنا سنعود إلى ما كتبه أحد الفرنسيين وهو الكاتب "جان دسم" jean dEsme في كتابه feu de sables" رمال النار" عن هذه الأحداث المتلاحقة فيقول بأن الأمير عندما توغل مع مرافقيه في رمال الصحراء الشاسعة وغابوا عن أنظار من تركوا في المخيم انطلقت فجأة رصاصة طائشة قطعت صمت الصحراء فتوقف الملازم قائلا : من أطلق هذه الرصاصة فسارع إليه قائد الحرس الشيخ الكوري ولد المشطوفي وقال له بأن أحد الاطفال قد وضع رصاصة في مدفع محمد أحمد ولد اخطور ولم يعلم بها فانطلقت وهو يفحص مدفعه .."
و عندما اطمأن الملازم عادت المجموعة إلى سيرها في اتجاه البيظ قاعدة الفرقة المتنقلة وحيث ينتظرهم النقيب لكوك .
وعند منتصف النهار وصلت حرارة الصحراء إلى مستوى لا يطاق فقرروا التوقف للراحة ، ولأن المكان خال من الأحجار فقد أخذ الرجال لحافا وأقاموه على المدافع ليستظل به الأمير والملازم وقائد الحرس ولد المشظوفي ويقول الكاتب جان دسم في كتابه رمال النار بأن الأمير استدعى محمد أحمد ولد اخطور ليستفسره حول حادث اطلاق النار هذا الصباح وعندما أخذ مكانه في الجلوس امسك مدفعه وراح يوضح كيف انطلقت الرصاصة بالخطأ .. أما الملازم ميسات فقد علق وقد أخذ رشفة من كأس الشاي .
- جيد ولكن لا أريد لهذا الشيء أن ...
وقبل أن يكمل الجملة انطلقت الرصاصة من مدفع محمد أحمد ولد اخطور المصوب إليه وهذه المرة كانت الرصاصة عن قصد ، فهذا هو الجزء الأول من خطة الأمير للقضاء على مفرزة ميسات ، سقط الجسم الضخم بدون حراك واستل الأمير خنجره وغرزه في أحشائه . وحسب الخطة فإن الشيخ الكوري ولد المشظوفي وبعض الحرس المنشقين معه سيقضون على الرماة المرافقين للملازم وسيعودون مع الأمير إلى مخيم الحلة لتنفيذ الجزء التالي من الخطة.
ولم ينج إلا حرسي واحد هرب في اتجاه مقر الكتيبة في البيظ وحسب الجزء الثاني من الخطة سيعود قائد الحرس الكوري ولد المشظوفي إلى الرقيب نكروني الذي تركه الملازم في مخيم الحلة لترحيله في اعقابهم وذلك رفقة الحرس الأربعة المنشقين معه أما الأمير فسيتأخر عنهم حتى يعلم ان الخطة نجحت وتم القضاء على الرقيب والرماة المرافقين له ، وعاد البطل محمد
محمد أحمد ولد اخطور قاتل ميسات رفقة ولد المشظوفي إلى غرد درموز، حيث يوجد الرقيب نكروني ومخيم الحلة، وعند ما اقتربوا منه أعلن نكروني الاستنفار ولكنه عرف ولد المشظوفي الذي رفع في يده ورقة بيضاء ويقول له معي لك رسالة من الملازم ميسات، واطمأن الرقيب نكروني وأعلن انتهاء الاستنفار فولد المشظوفي هو قائد الحرس في الفرقة المتنقلة و خرج هذا الصباح رفقة الملازم ميسات وبالتالي فلا داعي للخوف و عندما اقترب منه قال له بأنهم قد التقوا النقيب لكوك قائد الفرقة المتنقلة يطارد بعض المتمردين وبان الأمير والملازم ميسات قد انضموا إليه رفقة الرماة ... أما هو فصدرت إليه الأوامر بالرجوع إلى الحلة لدعمه تحسبا من أي هجوم مضاد وقبل أن يمد إليه الرسالة وجه إليه ولد المشظوفي رصاصة اخترقت كتفه ، وشرع المنشقون في تصفية الرماة والحرس، اندفع نكروني إلى راحلته لأخذ مدفعه ولكن رصاصة واحدة اخترقت جسده وسقط صريعا ، هنا أيضا تدخل البطل محمد أحمد ولد اخطور لينهي الموضوع.
لقد نجحت الخطة التي وضعها الأمير للتخلص من مفرزة الملازم ميسات ومواصلة المسير إلى الساقية الحمراء ... وذلك بفضل شجاعة بطل المقاومة محمد أحمد ولد اخطور وانضمام قائد الحرس البطل الشيخ الكوري ولد المشظوفي وبعض أعوانه المرافقين له إلى الأمير مسجلين بذلك صفحة من الوفاء قل نظيرها .
وحسب الخطة فقد اسرع مخيم الحلة الأميرية في السير شمالا بعيدا عن أنظار الاحتلال ، ولكن النقيب لكوك الذي انطلق في اثرهم يوم 15 من مارس 1932سيلحق بهم بعد 4 أيام من السير المتواصل ، يقول الأستاذ غيث ولد امم ما نصه " وفي الساعات الأولى من فجر يوم 19 مارس تحركت القوة المطاردة وأبصرت رجلا راكبا على جمل على بعد 400 م وما هي إلا لحظات قليلة حتى بدأ التراشق العنيف وبعد معركة خاطفة استشهد الأمير بالمكان المعروف بوديان الخروب مع 11 من رجاله من بينهم البطل حمدي ولد الطالب ولد لكرع ونجاة 15 من بينهم بطلنا محمد أحمد ولد أخطور الذي أبلى بلاءا عظيما في ذلك اليوم .
وفاته
التحق الرجال الناجون بمخميات المقاومة في الشمال واستمر محمد أحمد ولد اخطور في جهاده ضد المحتل الأجنبي حتى اغتياله سنة 1934 رحمه الله.
المراجع :
• غيثي ولد أمم : إمارة أهل يحي بن عثمان ، رسالة تخرج من المدرسة العليا للتعليم في نواكشوط ، 1984
• الطالب اخيار ولد مامينه : الشيخ ماء العينين ، علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوربي ، الرباط ، 2007
• دوتوه ليفينسكي ، الغزوات على آدرار ، ترجمة الأستاذ محمد فاضل ولد أجيه ، نسخة إليكترونية
• Jean d’Esme, sables de feu , Edition Du dauphin 1949
• مقابلة مع د. العربي ولد محمدو ولد أخطور ، نواكشوط ، 2012
بقلم
سعدبوه ولد محمد المصطفى
باحث ومؤلف في تاريخ المقاومة
[email protected]