نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول الأرز الاستراتيجي../ المشري محمد المختار الرباني

توطئة 
تتم زراعة الأرز المروي على مدار العام من خلال حملتين زراعيتين: الأولى هي الحملة الصيفية وتبدأ زراعتها من يناير إلى يونيو، ويستمر حصادها طيلة شهري يونيو ويوليو. والثانية هي الحملة الخريفية، وتبدأ زراعتها من يونيو إلى ديسمبر، ويستمر حصادها طيلة شهري نوفمبر وديسمبر.
وتعتبر زراعة الأرز المروي مكلفة جدا، فهي لا يمكن أن تكون ذات مردودية اقتصادية على مزاولي هذا النشاط إلا إذا تدخلت الدولة بتحمل أكثر من 50% من الأعباء المتمثلة في صيانة الروافد، وتوفير المدخلات الزراعية بأسعار مدعومة، و مكافحة الطيور آكلة الحبوب، وتوفير البحث الزراعي، والإرشاد والتأطير، إضافة إلى شراء الأرز الأبيض من مصانع التقشير لتموين السوق وتوفير الكميات اللازمة للدعم المجاني للمؤسسات المختصة كتآزر، إلى غير ذلك. 
سنحاول من خلال عرض بورتريه عن الحملة الصيفية 2022 المنصرمة إلقاء الضوء على زراعة الأرز المروية، وسنختار مزرعة امبورية كنموذج نتعرض من خلاله لمجريات زراعة الأرز لسنة 2022، ونتحدث عن نسبة الاكتفاء الذاتي المتوقعة من هذا المحصول الاستراتيجي لهذه السنة، ومجريات الحصاد وما يعترض سبيل المزارعين من عراقيل وصعوبات، وخاصة مشكلة التسويق التي تعرضت لها الفئات الهشة والضعيفة من صغار المزارعين وأصحاب التعاونيات مؤخرا نتيجة انهيار أسعار الأرز الخام، ودور مصانع تقشير الأرز في ذلك. وسنعرج على بيان الاتحادية الوطنية للزراعة الذي طالبت فيه بوقفة أمام الوالي للتنديد بارتفاع أسعار المدخلات الزراعية، وعدم الشفافية في صفقة شراء الأرز الأبيض، ونختم برسالة مفتوحة موجهة إلى رئيس الجمهورية السيد: محمد ولد الشيخ الغزواني.  
1- مزرعة امبورية النموذجية 
بعد توقف لأكثر من سنتين حققت مزرعة امبورية النموذجية التي يستغلها بعض صغار المزارعين وأصحاب التعاونيات قفزة زراعية عظيمة خلال الحملة الصيفية 2022 المنصرمة بتحقيقها أعلى مردودية، وبضخها في السوق أعلى كمية من الإنتاج لمزرعة جماعية "أعلى إنتاج وأعلى إنتاجية". وذلك بإنتاج حوالي: 15 ألف طن من الأرز الخام، وهو ما يمثل 8% من الإنتاج الوطني خلال الحملة الصيفية من هذه المادة الاستراتيجية.
وذلك رغم الظروف الشحيحة من سوء الاستصلاح، والعطش، والتأخر عن الموعد الزراعي، ونقص التمويل.. فكيف إذن لو تم توفير الظروف الملائمة للإنتاج. إن مزرعة امبورية أثبتت للمرة الثانية عن طريق صغار المزارعين من مهندسين زراعيين وأصحاب الشهادات أهمية الزراعة العلمية.
وبعد معاناة كبيرة مع الحصاد نتيجة الأمطار المبكرة لهذا العام فقد حدث ما لم يكن في الحسبان، فقد اجتمع أصحاب مصانع تقشير الأرز واتفقوا على تخفيض أسعار الأرز بعد أن تم بيع الأرز الخام مع بداية الحصاد بأسعار تتراوح بين 138 إلى 150 أوقية قديمة للكيلو، وذلك بتوحيد سعره بين 110 إلى 120 أوقية للكيلو بداية الشهر السابع، ثم الإحجام عن شرائه في وقت لاحق بدعاوي واهية من بينها ارتفاع نسبة الرطوبة وأن المحصول وفيرا وقد أخذوا طاقة مخازنهم الاستيعابية. وبتاريخ: 15 يوليو وأثناء تلك الأزمة المفتعلة التي هوت بأسعار الأرز إلى ما دون 70 أوقية للكيلو لم يتبق من دون حصاد سوى صغار المزارعين وأصحاب التعاونيات وجميعهم من الفئات الهشة والضعيفة. 
2- نسبة الاكتفاء الذاتي المتوقعة من مادة الأرز لسنة 2022 
تبعا لمعطيات التعداد العام للسكان والمساكن 2013 والذي يتم إجراؤه كل عشر سنوات فإن تقديرات تعداد سكان موريتانيا لسنة 2022 تتجاوز 4,825,534 نسمة، وهو ما يعطينا 778,312 أسرة. وإذا افترضنا أن متوسط استهلاك الأسرة الموريتانية هو 1.5 كيلوغرام من الأرز الأبيض، فإن الاستهلاك السنوي سيكون 426,126 طن من الأرز الأبيض والتي يقابلها 687,300 طن من الأرز الخام. 
وحسب الأرقام الرسمية لوزارة الزراعة فإنه قد تمت زراعة 38 ألف هكتار من الأرز المروي خلال الحملة الصيفية المنصرمة واعتبرته رقما قياسيا. وحسب المعطيات التي يظهرها القمر الصناعي الزراعي "سانتينل" بتاريخ 20 أغشت 2022 فإن الحملة الخريفية الجارية لم تصل إلى 20 ألف هكتار. وهو ما يعني زراعة 60 ألف هكتار للحملتين الصيفية والخريفية للسنة الجارية 2022. وحسب ما هو متداول على المجموعات الزراعية فإن مردودية الحملة الصيفية المنصرمة قد وصلت في المتوسط 5 طن للهكتار وهي مردودية متدنية قياسا على الحملات السابقة. ومن المعروف أن متوسط إنتاج الحملة الخريفية هو 3 طن للهكتار. مما يعني أن متوسط مردودية الهكتار لسنة 2022 سيكون 4 طن للهكتار.

جمعة, 26/08/2022 - 09:55

          ​