أطلق علي موريتانيا قديما وصف بلد المليون شاعر وهو وصف قد يكون مبالغا فيه حينها لكنه لم يأت من فراغ.
حيث ساهمت المحظرة الموريتانية تاريخيا في تأصيل الهوية و خلق نظام تعليمي تقليدي و أدواته المصنفة شعريا .
في إستقطاب متلقي ذات ذاكرة حفظية واسعة علي غرار المجتمعات العربية القديمة.
أعتمدت نمطا معرفيا و نسقا تعليميا خاصا في تدريس العلوم الشرعية كالعقيدة الإسلامية و الفقه و السيرة النبوية و الحديث الشريف الي جانب اللغة العربية و علومها كالنحو و الصرف و البلاغة و الشعر العربي .
إذ أن أغلب المحاظر المميزة علميا أنذاك كانت تشترط إتقان النحو و البلاغة و فهم اللغة العربية و أصولها المنتمية الي فترة المعلقات الشعرية العربية وحفظ الكثير من أشعار تلك الحقب.
بالإضافة الي دوافع و ضوابط التعاليم الدينية و ما تتطلبه من جهود بغية :
‐ حفظ القرآن الكريم.
- حفظ المتون الفقهية النظمية ( شعرية ) .
أمور من بين أخري جعلت من الذاكرة الجمعوية الموريتانية ذاكرة حفظية تستوعب و تتذوق الشعر العربي في كل تجلياته وخاصة شعر التفعيلة ذات القصيدة العمودية الأصيلة والتي أرتبط بها شعراء المرحلة قديما أيما إرتباط و ذاع صيتهم خارج الديار.
مسار دعمه هذا التناغم و التآلف الحاصل بين الذائقة الشعرية الموريتانية و مقامات الموسيقي الوطنية التقليدية داخل المجتمع.
ليتأكد جليا سيطرة النظرة التقليدية علي الذائقة الشعرية أمام تربصات و إرهاصات الحداثة االشعرية .
لكن بالمقابل وفي ظل تقليص وتلاشي دور التعليم المحظري أمام هيمنة التعليم العصري و إكراهات التمدن و التحضر وبدايات التحرر والإنفتاح علي العالم .
بدأ جيل جديد في الخروج من جلباب ابيه مع شئ من التحفظ بحثا عن متقبل في الأوساط الإجتماعية و الأدبية ،اصطدم ذلك المسعي برفض من داخل مجتمع تسيطر عليه الذائقة الفنية التقليدية و التي أثرت سلبا علي تطور الشعر و علي جهود التجديد المبذولة حينها،
ففي خضم هذا الأخذ و الرد شكلت القصيدة العمودية لدي شعراء جيل الإستقلال المخضرم و المراحل اللاحقة جسر عبور ساهم في كسب ود الجمهور من خلال إسهامات شعرية جسدت البعد الوطني ولا مست هموم و قضايا الوطن و أسست لتجاوز تدريجي نحو تجربة شعرية إبداعية أتسمت بكل مواصفات الحداثة عكست روح الإبداع لدي ما يسمي جيل مراحل الإستقلال الذي واكب قيام الدولة المركزية عبرالنهوض والخروج بالقصيدة الموريتانية من سباتها المحلي نحو العالمية. من أمثال عمالقة بلاد الشعر و الشعراء .
احمدو ولد عبد القادر المرحوم كابر هاشم و متنبئ موريتانيا ناجي امام و محمد الحافظ ولد احمدو و سيدي ولد لمجاد في مرحلة ما وغيرهم...،،،،،
كما خرجت من شاكلة هذا الجيل جيل موازي من خارج ارض الوطن يمكن أن يسمي جيل المهجر او الجيل التائه كمحمد ولد عبدي من الإمارات ، بياه من ليبيا ، بدي ولد ابنو من فرنسا ، سيدي المين بن ناصر انذاك في تونس ..وغيرهم بدأت القصيدة الموريتانية معهم تتحرر من قيود سلطة المعهود و ظهور بدايات القصيدة النثرية في ثوبها الإبداعي الجديد .
ظهر صداها مؤخرا كنتيجة حتمية لتطور الحركة الشعرية الموريتانية صيروريا في مواسم منافسات مسابقات أمير الشعراء تحت إشراف لجنة إدارة المهرجانات و البرامج الثقافية والتراثية بدولة الإمارات العربية المتحدة ( ابوظبي ).
والتي تهدف إلي إعادة الإعتبار للأدب العربي و محاولة وضعه في دائرة الضوء و الإرتقاء به و بشعرائه ومنحه مساحة التكريم اللائقة والمستحقة .
عززها الحضور الموريتاني القوي و المتكرر و المستمر داخل المحافل والأوساط الثقافية و الأدبية الدولية من خلال التمثيل الواسع و المشاركة الكبيرة لأوجه شعرية شبابية مختلفة و مبدعة تمكنت من التتويج بلقب أمير الشعراء
عبر النسخة الثانية من مواسم شاطئ الراحة الشعرية الصخبة وحصد رتبة وصيف أمير الشعراء لمناسبتين مختلفتين بالإضافة الي الحصول علي مراتب طلائعية و متقدمة في نسخ متباينة من المسابقة. جسده الحضور المتميز للقصيدة الموريتانية بشقيها التقليدي والحديث في مراحل و مفاصل منافسات مسابقات أمير الشعراء.
ألا ترون بأن المشاركة والتتويجات بالألقاب في هكذا مناسبات أدبية و ثقافية خلقت صحوة شعرية لدي جيل الشباب الموريتاني كان له الأثر في إرساء مفاهيم و مضامين مصطلحات
الحداثة في الكتابة الشعرية و مواكبة الركب ؟؟ مما ميز هذا الجيل عن غيره و نعته و تسميته بجيل إمارة الشعر و إن كانوا جميعهم أمراء شعر بإمتياز أمثال أمير الشعراء سيد محمد ولد بمب و وصيفي الأمير محمد ولد الطالب ومحمد المامي ولد محمد حامد، ابوشجة ، محمد ولد آدب،المرحوم الشيخ بلعمش ،جاكيتي سيك ، محمد ولد إدوم ....،الخ حدث ولا حرج.
شكلوا رحلة محك و دفاع عن لقب و بحث عن الذات و إثبات هوية شعب يستحق أن يوصف ويلقب بجدارة ببلد المليون شاعر ليس إلا .