شكس المعارف: أي علاقة تربطكم بأحزاب المعارضة، خاصة اتحاد قوى التقدم وتكتل القوى الديمقراطية الذيْن أطلقا حوارا مع النظام؟
بيرام الداه اعبيد: بوصفنا تيارا من المعارضة، فإننا نحتفظ بعلاقات تشاور وتنسيق مع هذين الحزبين انطلاقا من رفضنا المشترك للاقتراع الأخير، إلا أن مفاجأتنا تكمن في أن حليفيْنا عادا، بعيد عملية صيد ليلية، باتفاق متمالئ مع النظام، فأصبحا اليوم شريكين لحزب الإنصاف، وبالتالي عضوين في الأغلبية يتحملان حصيلته وأخطاءه.
5-شمس المعارف: كتب رئيس حزب الصواب الذي انتخبتم تحت رايته تعليقا ناريا تجاه تصريحات غزواني حول فرنسا.. هل تتقاسمون معه نفس الرأي؟
بيرام الداه اعبيد: من المعروف أن علاقات حزب الرك مع الصواب تتعلق بالانتخابات أساسا. فأعضاء الرك لم ينضموا للصواب وأعضاء الصواب لم ينضموا للرك. وبعض شخصيات الصواب لا يخفون عداءهم وحساسيتهم للتقارب مع الرك. والحقيقة أن أيديولوجية كل من الطرفين وخياراتهما وأولوياتهما تختلف جذريا في عمقها. لذلك فإن حزب الرك غير المرخص لا يمكنه أن يتقدم للانتخابات إلا تحت غطاء حزب معترف به. وبالتالي فإن كل طرف يتخذ اسراتيجيته ومواقفه وخطاباته بكل استقلالية. فمثلا، انسحب الرك، شهر مايو 2022، من الحوار الذي لفقه غزواني عندما تمت خيانتنا، بينما بقي الصواب ليجلس مع أحزاب أخرى إلى أن وضع غزواني حدا لتلك التجربة دون أن يستشير شركاءه حينها. وعندما بادر رئيس الدولة ووزير داخليته إلى حوار آخر على أعتاب الانتخابات البلدية والتشريعية الأخيرة السابقة لأوانها، اتخذا قرار بتضييق دائرته لتقصي التيارات غير المرخصة، وقد شارك الصواب بكل حرية واستقلالية في الحدث. إننا نتحمل مسؤولية انتقاداتنا للرئيس غزواني، ويصيغ حزب الصواب تقييماته الخاصة به. ليس في الأمر مشكلة، والكل يعرف هذا الجانب. بيد أننا متفقون تماما مع وزير الاقتصاد عبد السلام ولد محمد صالح عندما ذكر بأن اللغة الفرنسية هي لغة اختراع علمي، وأنها أصبحت جزءا من تراثنا وشخصيتنا الثقافية. فمع العربية، تظل الفرنسية لغة عملنا وانفتاحنا على العالم واقتنائنا للمعارف. أعتقد، من جهتي، أن الامبريالية الحقيقية التي شوهتنا على المستوى الثقافي والديني وعرضت للخطر أمننا الجسدي والثقافي، هي الهيمنة الوهابية. إننا ندين قبضتها على الهشاشة الاجتماعية، ومشاريع سيطرتها على العالم، وتغييبها الدائم للنساء، وميل مريديها إلى تطبيق الفقه الإسلامي الاسترقاقي، بسبب الثراء المتمخض عن الدولار والنفط والهذيان العروبي. لقد مُسخنا في بلادنا، وتَرَك إسلامنا المتسامح مكانه للتطبيق الصارم الغريب على ذاكرتنا والراديكالية والتطرف العنيف الذين تسربا إلينا، وهشما نمط حياتنا. حتى ألقاب أطفالنا أصبحت الآن مستوردة من أغاني وأفلام المشرق. إن الهيمنة الثقافية في موريتانيا قادمة من المشرق على صورة العلاقات بين النخب القبلية وبعض الشخصيات النافذة في الخليج، وهي تتخذ وجها معهودا وتافها انتهى بنا الأمر إلى تجاهله بوصفه إحدى البديهيات. بالنسبة لي فإن فرنسا لا تمثل أي تهديد ثقافي في موريتانيا. نعتقد أيضا أنه في العالم الحالي، الذي أصبح قرية واحدة، مع تحديات كبيرة، ومتعددة ومتنوعة، فإن كل بلدان العالم، خاصة بلادنا، تحتاج إلى تقارب مع الأمم العظيمة التي تؤسس بعضُ قيمها لكفاحنا وسيبقى عليه ميسمها للأبد. أعني هنا الحرية والمساواة. وإن فرنسا والفرنسية تشكلان جزءا من ذلك.