واصل الموريتانيون أمس الأحد بكاءهم على يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس،
الذي استشهد فيما اعتبروه “ملحمة بطولية خاضها السنوار مقاتلاً وجريحاً تروي دماؤه أرض غزة الطاهرة”.
وتميز حزن الموريتانيين على مقتل يحيى السنوار بتعدد وسائل التعبير، حيث استخدم الموريتانيون إلى جانب التدوين قصائد الشعر من الفصيح والزجل، وتحولت نساء موريتانيا إلى “خنساوات” يبكين صخر المقاومة بالأغاني المفتخرة به وبأمثاله والمستنهضة لهمم المقاومين في فلسطين ولبنان وحيثما كانوا.
وأكد الرباط الوطني الموريتاني لنصرة الشعب الفلسطيني في بيان تمت تلاوته خلال حفل تأبيني ضخم وسط العاصمة نواكشوط “أن موريتانيا تلقت نبأ استـشهاد المجــاهد والقائد البطل أبو إبراهيم يحيى الســنوار، رئيس حركة المقاومة الإسلامية “حمـــاس”، بعد اشتباك مباشر مع قوات الاحتلال الصهـــيوني الغاصب”.
وأضاف البيان: “لقد ارتقى شهـــيدًا البطل يحيى السنوار إلى ربه، شاهدًا على بطولة وتضحية عظيمة قدمها قادة المقــــاومة، سائلين الله أن يتقبله في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين”.
“إننا في الرباط الوطني، يضيف البيان، إذ ننعى هذا القائد الفذّ الذي نذر حياته لقضية الأمة الأولى، ودافع عن شعبه وأرضه بشجاعة وبسالة حتى آخر لحظة من حياته، فإننا نتقدم بأحر التعازي إلى حركة المقـــاومة الإسلامية “حمـــاس”، وإلى كل فصائل المقــاومة الباسلة، وإلى كل الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية راجين من الله عز وجل أن يمنّ عليهم بالصبر والسلوان في هذا المصاب الجلل، وأن يثبتهم على درب الجهاد حتى تحرير الأرض والمقدسات”.
ودعت المبادرة الطلابية الموريتانية لمناهضة الاختراق الصهيوني وللدفاع عن القضايا العادلة في مهرجان جماهيري أمام المسجد الجامع تخللته صلاة الغائب على روح القائد الشهيد يحيى السنوار، الموريتانيين إلى المضي قدماً في طريق مناصرة القضية الفلسطينية وتمسك الشعب الموريتاني بخيار المقاومة كخيار أوحد لاسترجاع مقدسات الأمة وكرامتها”.
وتخللت المهرجان كلمات للائمة والدعاة دعوا فيها “الشعب الموريتاني لمواصلة وقوفه مع القضية الفلسطينية، وإلى توفير وسائل الدعم المختلفة لمواجهة الاحتلال الصهيوني”.ومن مئات تدوينات الموريتانيين عن الشهيد يحيى السنوار، كتب المفكر الإسلامي الموريتاني البارز محمد جميل منصور: “سلام عليك أبا إبراهيم، أحييت باستشهادك قيماً أصبح عهد الناس بها قديماً، أحييت قيم البطولة والشجاعة والإقدام، وقبلها تمسكت بقيم الإيمان والصبر والثبات، أحييت معنى القائد الذي يتقدم الصفوف في الميدان، معنى القائد الذي لا يخشى الموت ولا يخاف العدو”.
وقال: “أبا إبراهيم، نم قرير العين، فقد وفيت وأديت، أنت الحي وهم الأموات، أنت الفائز وهم الخاسرون، أنت السيد والزعيم والقدوة؛ ولا أجد حرجاً في وصف أبي إبراهيم “بأنه لجاهد مجاهد؛ فكل الدلائل أنه في هذا الطريق راغب وله متحمس وبمآله راض”.وزاد مخاطباً السنوار: “لقد هديت السبيل، ووفقت الطريق، ورزقت الشهادة “وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚوَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين”.
وأضاف ولد منصور في تدوينات تم تداولها على نطاق واسع: “إن يقتل فقد قتل أبوه وأخوه وعمه” قالها سيدنا عبد الله بن الزبير، حين بلغه خبر أخيه مصعب بن الزبير؛ نعم.. إن القائد أبا إبراهيم يحيى السنوار ليس الأول في طريق الشهادة على أرض فلسطين، إن يقتل فقد قتل شيخه أحمد ياسين، وقائده عبد العزيز الرنتيسي، ومهندسه يحيى عياش، ورئيسه إسماعيل هنية، وبين كل اثنين من هؤلاء وقبلهم وبعدهم شهداء كثر من أبناء الشعب الفلسطيني البطل”.
“لم يكن أبو إبراهيم، يقول ولد منصور، بالذي يهاب الموت، وله تصريحات مشهورة معلومة، ولكنه لم يكن بالمتهور ولا المتعجل؛ لقد ارتقى يحيى السنوار شهيداً، وهذا ما تمناه، ودون شك ستستطيع المقاومة ملء الفراغ واختيار قيادة جديدة، وستستمر المعركة مع المحتل الغاصب، وسيندحر بإذن الله، ويخيب أمل الذين يحبون أن تغلب الصهيونية وحلفاؤها والمطبعون معها”.
وكتب الدكتور محمد المختار الشنقيطي: “أكثر ما أحزنني في استشهاد البطل المغوار يحيى السنوار هو أنه كان يقاتل وحيداً بعَصَا في يده اليسرى، ويدُه اليمنى مصابة، وهو على مسافة بضعة كيلومترات من حدود دولة عربية، يزيد سكانها على 114 مليون، وجيشها قريب من 700 ألف جندي وضابط، مدجَّجين بالسلاح؛ “ويل للعرب من شرٍّ قد اقترب”.
وقال: “آخر مآثر السنوار العظيمة أنه وحَّدَ، باستشهاده البطولي، الأحرارَ من بيت المقدس في فلسطين، مع الأحرار من أكناف بيت المقدس في سوريا؛ فبكاه الفلسطينيون والسوريون معاً بكاء الشهيد الفقيد، العزيز عليهم أجمعين”.
وكتب المدون الموريتاني البارز عبد الله محمد: “من دلائل توفيق الله للشهيد يحيى السنوار أن ظروف استشهاده أتت كلها بما يكره العدو: فقد قتلوه صدفة فلم يجدوا فرصة لادعاء قتله ترصداً ونجاحاً لاستخباراتهم؛ وقتلوه وهو يقاتل لا حرس لديه، فقد كان بودهم أن يكون مغتالاً في موكب وتحت قبو خرساني؛ حتى يتهموه بالسعي للاحتماء والهرب من الميدان الذي يدير معركته ضدهم حتى أراهم نجوم الليل نهاراً؛ وقتلوه ممسكاً بسلاحه في زي قتال في خط قتال متقدم؛ وحتى تفاصيل التفاصيل جاءت ضد أمانيهم: فـ “الدرون” التي أتت تستكشف، حين اقتربت منه في آخر لحظة وقد أصيب نصف بدنه الأسفل بالقذيفة وأصيب رأسه ويده، رفع العصا ورماها بها، فكان ختام رؤيتهم له أنه يواجه حتى وهو في تلك الحالة، فكانت رسالة رمزية قوية للباقين بعده، وللأمة، وللأحرار الرافضين للاحتلال”.
عبد الله مولود