موريتانيا وفرار الأسد: الجالية السورية تنظم مسيرة ابتهاج بالنصر وترفع علم الثوار على السفارة والساسة والمدونون منغمسون في الحدث

قابلت الجالية السورية في موريتانيا، وهي جالية كبيرة مكونة من مئات المواطنين السوريين الذين هم من بين ملايين السوريين الذين شردهم نظام الأسد،
انتصار الثورة الشعبية السورية وهروب بشار يوم الثامن من ديسمبر، بمسيرة كبرى جابت شوارع العاصمة الموريتانية نواكشوط، وشارك فيها عشرات الموريتانيين المزهوين بهذا المنعطف الكبير.
ورفع المشاركون في هذه المسيرة لافتات وشعارات تندد بالنظام السوري المتلاشي، وتدعو إلى الحرية والعدالة للشعب السوري وفقاً للآفاق الجديدة التي فتحها هذا التطور المذهل.
وانطلقت المسيرة المبتهجة بفرار الأسد، من دوار القدس غرب نواكشوط لتصل إلى مبنى السفارة وسط المدينة، حيث قام المواطنون السوريون بإنزال علم نظام آل الأسد من سارية السفارة، ورفعوا بدلاً منه العلم السوري الذي يُمثل الثورة.ولما هو معروف عن الشعب الموريتاني من اهتمام بالسياسة ومن متابعة للشأن العربي بشكل عام، فقد تخلى ساسة موريتانيا ومدونوها عن انشغالاتهم العادية، لمتابعة الأحداث في سوريا، وللتدوين والكتابة عن هذا الحدث الفاصل، وهم بين أكثرية يتصدرها الإخوان الإسلاميون مناصرة للثورة، وأقلية قليلة عبرت عن أسفها لزوال نظام الأسد، ولتولي من يصفونهم “بالسلفيين المتزمتين” شؤون سوريا في ظرف بالغ الحساسية.وتوزعت التدوينات والمقالات المنشورة حول الأحداث في سوريا بين مواقف معبرة عما وقع، وتحليلات تقرأ الحدث وتستكنه المستقبل.وفي بيان نشره الإثنين، بارك “الرباط الوطني الموريتاني لنصرة الشعب الفلسطيني” وهو أكبر هيئة مؤطرة لحراك المؤازرة الشعبية الموريتانية للمقاومة الفلسطينية، لـ “الشعب السوري الشقيق انتصار ثورته المباركة وسقوط الطاغية السفاح بشار الأسد، الذي طالما مارس شتى أنواع الظلم والطغيان بحق أبناء وطنه”، مضيفاً “أن هذا اليوم يمثل انتصارًا لقيم الحرية والكرامة الإنسانية التي لا تقهر”.وأضاف: “نعتبر هذا النصر التاريخي الذي سطّره الشعب السوري بصبره وثباته ليس انتصارًا فقط لسوريا، بل هو أمل متجدد للأمة الإسلامية جمعاء، وخطوة تقربنا من تحقيق الفتح المرتقب لفلسطين، ونتمنى أن يكون هذا الانتصار فاتحة خير وبركة على أرض الشام المباركة وعلى فلسطين الحبيبة، وأن يعجل بتحرير الأقصى من براثن الاحتلال الغاشم”.وكان وزير الخارجية الموريتاني السابق إسلكو أحمد إزيد بيه، متشائماً في تدوينة له الإثنين قال فيها: ستقسم سوريا إلى “إمارات طالبانية”، طائفية، عرقية، متنافسة فيما بينها، وإلى “صوماليلندات” صغيرة ومزدهرة اقتصادياً على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، تابعة لهذه الجهة الخارجية أو تلك؛ واستدامة لذلك، ستكرس الطائفية والفئوية دستورياً”.وأضاف: “إنه الوجه الشاحب للاستعمار الجديد؛ وبعد هلاك “الثور” سيحلم الشعب السوري بتتويج “حجاج” جديد في أرضهم، يصون لهم أدنى مقومات الكرامة البشرية والسيادة الوطنية”.وتحت عنوان “لفهم ما يجري في المشرق”، كتب المحامي محمد الخرشي: “بغض النظر عما قيل أو قد يُقال عن نظام الأسد الأب أو الابن أو الحزب، فإن التحالف الأمريكي-التركي-الإسرائيلي، مستخدمًا المال العربي، رتب أمورًا استراتيجية لإعادة ترتيب أوضاع المنطقة، بما يشبه في العمق والنتائج اتفاقية سايكس بيكو وحلف بغداد، وسيلي ذلك انهيار النظام العربي وتفكك للمنطقة سيعيد العرب إلى العصور الغابرة، وهناك دول ومناطق قد لا تُشمل في المرحلة الحالية، مثل مصر والمغرب العربي، ومع ذلك، فإن ما تمتلكه الأمة العربية سيُمكنها من التحرر والنهوض في النهاية ودحر الغزاة، حدث ذلك مع التتار والصليبيين والفرنسيين، وقد يتكرر بعد سقوط دمشق”.وكتب القيادي الإسلامي محمد جميل منصور، ما سماه “نصائح وخلاصات” أولها نصيحة لأنصار الثورة السورية والفرحين بإسقاطها نظام الأسد، حسب قوله، ضمنها قوله: “لا تبالغوا كثيراً في أن الذي حدث موجة أخرى للربيع العربي، ولا تظنوا الأمور بتلك السهولة، وقد علمنا التاريخ أن هزيمة الباطل أسهل من إقامة الحق وربما بكثير، وإياكم من القياس مع وجود الفارق، بل الفوارق”.وقال: “النصيحة الثانية لأعداء الثورة وأنصار النظام السابق، لا تغالبوا حركة الشعوب حتى ولو كنتم تناصبون قيادتها العداء، ولتفهموا أنه لا مستقبل لنظام أسلمه جيشه وأهله، ولا تدفعكم عصبية أيديولوجية، ليس للأسد حظ كبير منها، إلى موقف لا تبرره المبادئ ولا يخدم المصالح”.وأضاف: “وللثوار وقيادتهم، لتدركوا أنكم أنهيتم الأسهل وبدأتم الأصعب، وأن الدول تستقيم مع العدل والإنصاف والحرية وخدمة الناس، وأنها مهما كانت الشعارات والتسميات، لا تستقر مع الظلم والحيف والطائفية والإقصاء، وأن التجارب تؤكد أن الأوطان والأمم لا تبنى بالعناوين الضيقة ولا الأطر المحصورة أيديولوجياً أو طائفياً أو مناطقياً”.وزاد: “رابعاً، إلى جوار سوريا، دعوا عنكم سوريا تتوحد وتؤسس نظامها السياسي، ولا تظنوا أن دعماً للثوار يبرر الضغط عليهم، أو أن عداوة لهم تستلزم تآمراً عليهم، سوريا تستحق منا ومن أهلها أن تتجاوز هذه الوضعية بسلام، فهي غالية وأصيلة وجميلة، ثم إن عاصمتها دمشق، والكل بها مجنون”.أما المدون حدو ولد الحسن، المناصر لبشار، فقد كتب يقول: “من السذاجة بمكان أن يعلق بعضنا الآمال على حكومة الثوار في سوريا، ومن البلاهة أيضاً أن يظن البعض أن لهؤلاء من الأمر شيئاً: إنها لعبة الكبار، وطبخة تم إعدادها بين أمريكا وروسيا وتركيا لضرب محور المقاومة في الصميم وتفتيته، كل ذلك من أجل إنقاذ إسرائيل من الهزيمة أمام «حزب الله» أما وقد وقع ما وقع، فسلام على المقاومة يوم قتل قادتها ويوم تآمر عليها الأعداء والمنافقون ومرضى الطائفية حتى سقطت مثخنة بالجراحات”.
عبد الله مولود

نواكشوط –«القدس العربي»

 
ثلاثاء, 10/12/2024 - 10:10

          ​