ميتروفيتش والهلال.. نهاية غريبة لبطل رواية الذهب

في بعض الروايات، لا تأتي النهاية كما يتمناها الجمهور، رغم روعة البدايات، فأحيانًا لا ينجح البطل في تحقيق طموحات محبيه لعدة ظروف خارجة عن إرادته.

وينطبق ذلك الأمر على الهداف الصربي ألكسندر ميتروفيتش، الذي صال وجال مع الهلال في الملاعب السعودية والآسيوية خلال فترة قصيرة، كتب خلالها اسمه بأحرف من ذهب.

ولكن دوام الحال من المحال، فإن رحلة ميتروفيتش الذهبية لم تكتمل، نظرًا لظروف عديدة، ليُعلن "الزعيم" رحيله أمس الخميس، صوب الريان القطري.

صفقة متعثرة

ميتروفيتش لم يكن مهاجمًا عاديًا، بل كان بمثابة سلاح متعدد الخصائص لتدمير الخصوم، وإسقاط الحراس بشكل متواصل، حتى أصبح معشوق الجماهير الأول.

الحكاية بدأت قبل عامين، بحملة عصيان قوية من ميتروفيتش، على إدارة فولهام، من أجل الرحيل صوب الهلال، وبالفعل وافق النادي الإنجليزي على الصفقة، بعد سلسلة طويلة من المفاوضات.

وبعد أن كان مرشحًا للانضمام إلى مانشستر يونايتد، قرر خوض تجربة دوري روشن، وهو ما جعله عُرضة للانتقادات بسبب هذه الخطوة، حيث كان يرى البعض أنه انضم للزعيم من أجل المال فقط.

ميتروفيتش

لكن "ميترو" أغلق أذنيه، وتعهد في بداية الرحلة أنه سيبذل قصارى جهده من أجل تحقيق الألقاب وتسجيل الأهداف باستمرار، وهو ما حدث على أرض الواقع، بمساهمات لا تتوقف.

ونجح ميتروفيتش خلال موسمه الأول في قيادة الهلال نحو حصد الثلاثية المحلية (الدوري والكأس والسوبر)، بالإضافة لحصد السوبر مرة أخرى مطلع الموسم الثاني (الماضي).

بطل الرواية

بالنظر إلى الهلال خلال موسم 2023-2024، نجد أنه قدم مستوى جعله أحد أفضل أندية العالم بدون أدنى شك، بدليل تحقيق أكبر عدد من الانتصارات المتتالية في تاريخ الأندية عبر مختلف البطولات (34 فوزًا).

كذلك، حصد لقب الدوري السعودي بأعلى حصيلة تهديفية ونقطية خلال موسم واحد بتاريخ دوري المحترفين، بالوصول إلى 96 نقطة وتسجيل 101 هدف، ولم يتلق أي هزيمة.

وواصل سلسلة اللا هزيمة في كأس الملك ولقبي السوبر أيضًا، ليصبح أكثر فريق يُحافظ على سجله خاليًا من الهزائم في البطولات السعودية بواقع 57 مباراة.

 

وهناك العديد من العناصر البارزة في تلك الرواية الذهبية، ولكن إذا منحنا دور البطولة لشخص واحد، فيجب أن يكون ميتروفيتش، بسبب ما قدمه على مدار الموسم الأول تحديدًا.

ميتروفيتش ساهم في 48 هدفًا خلال 43 مباراة خاضها مع "الزعيم" في مختلف البطولات، حيث سجل 40 هدفًا وقدم 8 تمريرات حاسمة، وحل وصيفًا في قائمة هدافي دوري روشن (28) خلف الأسطورة البرتغالي كريستيانو رونالدو، قائد النصر (35).

ورغم معاناته من الإصابة في الموسم الماضي، إلا أنه استطاع تسجيل 28 هدفًا وصنع 7 في 36 مباراة خاضها بمختلف البطولات.

لحظات لا تنسى

ميتروفيتش بطل رواية الهلال الذهبية، عاش العديد من اللحظات، التي لا يمكن نسيانها خلال رحلته القصيرة، حيث استطاع أن يسجل هاتريك 3 مرات، بواقع مرتين في آسيا، ومرة بالدوري السعودي.

إضافة إلى بصماته التي لم تتوقف أمام الأندية الكبرى، حيث سجل 6 أهداف ضد الاتحاد ومثلها أمام النصر، بجانب 5 في شباك الأهلي و4 ضد التعاون 3 أمام الشباب.

وأصبح ميتروفيتش، ثالث هدافي الهلال الأجانب عبر التاريخ، بتسجيل 68 هدفًا، خلف البرازيلي كارلوس إدواردو (81) والفرنسي بافتيمبي جوميز (116).

وشهد الموسم الأول، نجاح السفاح الصربي في التسجيل خلال 11 مباراة متتالية في الدوري، متساويًا مع ويسلي محترف الهلال السابق (2011-2012)، وهو ثاني أعلى معدل بالمسابقة بعد المغربي عبد الرزاق حمد الله رفقة النصر (14) بموسم (2018-2019).

ميتروفيتش

تضحية تحولت إلى لعنة

صحيح أن ميتروفيتش، تعرض للإصابة في العضلة الخلفية خلال موسمه الأول، ولكنها لم تبعده عن الملاعب لفترة طويلة على غرار ما حدث بالموسم الماضي.

وبدأت اللعنة مع النجم الصربي عندما خرج مصابًا بعد 10 دقائق فقط من كلاسيكو الاتحاد في ربع نهائي النسخة الماضية من كأس الملك، حيث اشتكى من الإصابة في العضلة الخلفية مرة أخرى.

وأكد بعدها بفترة طويلة، أنه كان يشعر بالإصابة في عمليات الإحماء، ولكنه تحامل على نفسه من أجل الفريق، بعلم مدربه البرتغالي جورجي جيسوس آنذاك.

لكنه لم يستطع استكمال المباراة، وغادر مصابًا ليبتعد عن الملاعب قرابة 3 أشهر، ولكنه لم يعد كما كان، حيث ظهر بمستوى متراجع على عكس المعروف عنه.

وجاء تراجع مستوى ميتروفيتش، تزامنًا مع سوء الحالة الجماعية للفريق الذي خسر جميع الألقاب، باستثناء السوبر السعودي.

وبعد نهاية موسم صعب محليًا وقاريًا، بدأ الهلال يُركز على مونديال الأندية، وعادت الجماهير لتعقد الآمال على ميتروفيتش، ولكن المفاجأة تمثلت في تجدد إصابة النجم الصربي للمرة الثالثة قبل البطولة بنحو 48 ساعة.

ميتروفيتش

وتبخر حلم الجماهير في مشاركة ميتروفيتش بالبطولة، لتبدأ المطالبات برحيله والتعاقد مع مهاجم أخر، بجانب البرازيلي ماركوس ليوناردو، وهو ما فعله الهلال في ربع النهائي، باستقطاب المغربي عبد الرزاق حمد الله.

تهميش ونهاية غريبة

بعد المونديال، عانى ميتروفيتش من تهميش واضح داخل الفريق، مع محاولات مكثفة للتخلص منه بتوقيع مخالصة مالية، ولكن اللاعب أصر على تقاضي مستحقاته كاملة.

وفي الوقت الذي خرجت فيه تقارير تشير لرحيل اللاعب، فقد نجح الهلال في ضم الأوروجوياني داروين نونيز، وهنا كانت المفاجأة الكبرى التي أكدت خروج ميتروفيتش بشكل رسمي من حسابات المدرب الإيطالي سيموني إنزاجي.

الغريب في الأمر، أن الهلال كان قد أعلن عدم تعافي ميتروفيتش من الإصابة، ولكنه انضم لمعسكر منتخب صربيا خلال التوقف الدولي الحالي، وظهر في التدريبات بصورة طبيعية قبل أيام قليلة.

Getty Images

غير أن دارجان ستويكوفيتش مدرب صربيا، ألمح إلى سوء التعامل مع ميتروفيتش في ناديه، حيث قال "هو لاعب لا يحتاج للتقييم، ومن ضمن النجوم الكبار، ولكنني لا أعرف ما حدث معه في النادي".

وبعد يوم واحد من هذه التصريحات، أعلن الريان، تعاقده مع ميتروفيتش، وهو ما أمر غريب، خاصة وأن الهلال كان قد أكد معاناته من الإصابة، فكيف تعاقد النادي القطري مع لاعب مصاب؟

ويبدو أن هناك بعض الأمور الخفية التي تسيطر على رحيل ميتروفيتش عن الهلال، بدليل ظهوره في تدريبات صربيا وتصريحات المدرب وتعاقد الريان معه، فهي نهاية غريبة ولا تليق بما قدمه للزعيم.

وإذا تحدثنا بالمنطق، فكان يجب على الهلال، توفير أموال صفقة نونيز (53 مليون يورو)، والاعتماد على ليوناردو أساسيًا، لحين حسم موقف ميتروفيتش النهائي، خاصة وأنه لاعب لا يُستهان بقدراته.

جمعة, 05/09/2025 - 10:05

          ​