تشهد العاصمة انواكشوط منذ فترة ظاهرة إجرامية خطيرة أصبحت تؤرق مهج الساكنة وتمنعهم راحة البال وتفقدهم فلذات أكبادهم التي عانوا في تحصيلها الأمرين ...ونقصد بذلك ظاهرة اختطاف الأطفال.
إنها موجة من الإجرام والشذوذ تصب بوابلها على براءة الصغار وتخطفهم زهورا ما أينعت ولما يحن قطافها، قلوب فقدت حظها من الانسانية والرحمة، وجعلت كسبها من توزيع المصائب على أسر بريئة من مجتمع مسلم ومسالم.
ظاهرة إختطاف الأطفال من الجرائم التي ملأت عناوين الصحف والمواقع هذه الايام، وكثر اللغط حول أسبابها ودواعيها، وأصبحت حديث الساعة لما تخلفه هذه العملية من خطورة ورعب في قلوب الأسرة والمجتمع ككل.
وتختلف التحاليل التي تحاول رصد الأسباب الأساسية لعمليات الاختطاف المتتالية وفقا لمدة الاختطاف فأحيانا يكون الاختطاف لغرض مؤقت كأخذ فدية من الوالدين ، أو لغرض يناسب جنس الطفل المختطف، كاستخدامه في الاعمال إذا كان ذكرا، أما إذا كانت أنثى فحدث ولاحرج.
كما تتعدد الأهداف التي تدعو لهذه الجريمة، حيث يرى بعض المنظرين الاجتماعين أن ظاهرة اختطاف الأطفال تعود في الأساس إلى أسرة الطفل ومدى تماسكها ومدى وعيها بمسؤوليتها تجاه هذه الوديعة الثمينة التي منحها الله والتي يحرم التفريط فيها أو إيداعها لم لا يوثق به، فكثيرا ما تحدث عمليات الأختطاف في طريق المدرسة أو السوق أو أماكن اللعب.
في حين يرى بعض المتابعين لأمن العاصمة أن اختطاف الاطفال أصبح مهنة مربحة ومدرة للدخل، ويندرج في هذا الإطار أيضا المتاجرة بالأعضاء البشرية، سواء لأغراض طبية أو من أجل الشعوذة، وفي هذا السياق، تم اكتشاف جثث لأطفال استؤصلت أعضاؤهم، وهذا النوع من العمليات يتطلب دراسات وإمكانيات كبيرة، لذا فهي تدخل في إطار الجريمة المنظّمة. وهناك من يمتهنها كوسيلة دخل حيث يكون المختطف على اتصال بشبكة اجرامية واسعة وقوية تتاجر بأعضاء البشر فتمده بالمال والعتاد مقابل جلب المادة الخام "الأطفال"، وهكذا تتواصل العملية بسلام.
ومن جهة ثانية يرى علماء النفس أن عامل الشذوذ الجنسي له تأثيره في عملية الأختطاف، ويكون أكثر ما يكون عرضة له الأطفال يوميا ، حيث يتم العثور على جُثث أغلبهم معتدى عليها جنسيا أو مشوهة، حتى لا يُتمكن من التعرّف على الفاعل، الذي غالبا ما يكون قريبا أو جارا، وهي ظاهرة زادت حدّة بعد انتشار الهوائيات في البيوت وشيوع ثقافة العنف وتزايد الكبت الجنسي، علمًا بأن عقوبة الفعل المخل بالحياء مع استعمال العنف هي السجن من 10 إلى 20 سنة، عندما ترتكب على قاصر لم يتجاوز 16 سنـة. وبالموازاة، أوعزت العديد من حالات الاختطاف إلى أسباب مادية، عن طريق طلب الفدية، بالنظر إلى الأوضاع المتأزمة التي يعيشها المجتمع الموريتاني.
من هنا ننبه إلى أنه آن الأوان للوقوف والصمود في وجه هذه العمليات الإجرامية التي تهدد شريحة هي أساس المجتمع وساقه التي يقوم عليها وعلى الأسر أن ينتبهوا لأطفالهم ويحرسونهم حراسة تحيط جميع لحظات الطفل ولا يدعوه يخلو بغير من يثقون به .
نعم يجب على الامن والمجتمع والاعلام أن يكونوا بالمرصاد لمحو هذه المهنة التي تعيق راحة المواطن وتهدد المجتمع ولا تكسب إلاّ مصائب عنيدة.