ما الجديد الذي يفرض على الشعب الموريتاني أن ينقسم إلى شعوب شتى يحارب بعضها بعضا وينتقم منه كمن يحاول الظفر بثأر أبيه القتيل.
ما هي العواصف العاتية التي ضربت بلادنا محاولة زعزعة أمنها ووحدها؟ من المسؤول عن دس فكرة التشرذم والتفرقة بين ألفاف الشعب وشرائحه؟ من المستفيد الأكبر من حرب لا تبقي ولا تذر، حرب ضراس قد تبيد أمة بأكملها؟
كانت موريتانيا حوزة ترابية دافئة يسكنها شعب بدوي بسيط ومسالم، يعمل على الزراعة ويمارس التجارة ويعيش على ثروته الحيوانية يسوسه الدين الاسلامي وتحكمه عادات وتقاليد ماوارثة كابر عن كابر، حتى جاء الغرب يخطو في أثواب الحرب ولباسها الكريه ودخل من باب الانسانية المبررة الاستعمار، ولم يرحل عن أي ربع من ربوع العالم حتى غاص في عمق المجتمع وعرف أسباب تماسك ووسائل تفكيكه، فعمل على أن يدس من خلال أعوانه أفكار تبدو في الظاهر محببة ومرغوبة ولكنها تحمل في داخلها حقدا ملتهبا وبذرة لا تثمرإلا الحرب العقيم فولدت الحرية والديمقراطية والانعتاق والتحرر فهب أدعياء القومية والقيادة والازدهار يشعلون فتيل الحقد والكراهية بين فيآت الشعب الموريتاني البسيط جاعلين من الدفاع عن بعض الشرائح سلعة رائجة وتجارة رابحة تسوّق في الغرب فنالت حظها من الربح هناك ونالت حظها من الخسارة هنا.
ولن ننهي عد الأسباب التي صنعت تهديدا وزعزعة في وحدتنا الوطنية حتى نذكر الاعلام فهو لسان الحال وهو صانع الظواهر من الفراغ فمادامت الوسائل الاعلامية المحلية تروج لفكرة ما وتريد منها أن تصبح ظاهرة متجسدة في العيان فلا قبل لأحد بمحاربتها، فعلى من يريد إعادة بناء مجتمع قوي ومتماسك ومتحد أن يلجأ اول ما يلجأ إلى الإعلام بكل أصنافه، ولا يستثي منه أي طرف فالأمر يعني الجميع، وليقل بملئ فيه وبصوت عال أيها الاعلام الموريتاني دع الشعب الموريتاني يعش بخير وينعم بوحدته واستقراره فلا أمن ولا استقرار في أمة تتراشق وسائلها الاعلامية بضغائن والأحقاد على حساب ثروة بسيطة زائلة لامحالة.
أما اليوم وبعد أن أصبحت اللعبة مكشوفة فقد ءان الأوان لإزاحة الأفكار العقيمة التي لا تثمر غير الحرب والفتنة بين أبناء شعب واحد مسلم ومسالم، وءان الأوان لغلق سوق المضاربات التي تقوم على ترويج القضايا الوطنية كسلع تباع وتشترى بثمن بخس في سوق أعداء الاسلام والمسلمين.
إن الشعب الموريتاني اليوم لم يعد كما هو بالأمس لقد وعى الدرس وليس أمامه خيار وهو صاحب القرار ولا أظن أحدا يلقي بنفسه ضحية أفكار مسمومة يوجه بعض المتاجرين بغية كسب ثروة بدماء وعقول المغفلين المغرورين، إن الشعب يرفض المتاجرة بألوانه وتاريخه وثقافته.
ديدي نجيب