كاد اليوم العالمي للغة العربية أن يمر علينا بسهولة لا تغفر ونحن الذين نحلم ونفكر ونعيش الحياة و نشعر الحقيقة بمفردات عربية خالصة، إنها عالمنا الجميل الذي نتنفسه في أجزاء لحظاتنا.
فقد نكتب في الدفاع عن اللغة العربية لأنها لغة القرءان، وقد نكتب عنها لأنها لغة البلاغة والبيان، وقد ندافع عنها لأن المؤرخين العارفين بالماضي أخبرونا أن أصلنا يعود لأمة العرب وجاءوا على ذلك بالنصوص والوثائق، فيكون من حقها اليوم علينا أن نرد عنها هجوم الأعداء كأحفاد لأولائك الأجداد، لكن الذريعة التي نحتمي بها اليوم ليست من ذلك القبيل فهي قبل ذلك وبعده لغتنا الأم وما أدراك ما لغة الأم ؟ لغة التفكير والصمت والحلم.
ويتضح خطر اللغة الأم حين نفهم ما تعنيه النظرية اللغوية التي تقول إننا لانعيش واقعا ماديا بقدر ما نعيش بنية لغوية ولكي نفهم العالم والحياة علينا أن نعود إلى اللغة ، ودليلنا لفهم الآخر هو لغته، فنحن الذين تعلمنا بالعربية، وشعرنا بالعربية وأحسسنا بالعربية وأفصحنا بالعربية و عرفنا الحقيقة بالعربية. وحين نفهم أن بنيتنا التصورية منسوجة من لغتنا الأم اللغة العربية حينها سنفقه ما تعنيه لنا هذه الأبجدية المهجورة والتي أصبحت تدل على الماضي والتأخر ودراستها من دلائل الجهل والمهتمين بها هم أناس ضائعون في محراب القومية وأوحال التناقض مع العلم فالعلم غربي كما يبدو اليوم! إننا أبناء الضاد لا نجادل في ما للغرب من فضل علينا في عدة مجالات إن لم نقل في جميع ما ينتفع به في هذه الحياة القصيرة،
فإذا كان الغرب يحتكر العلم ويسيطر على أسباب المادة ويجلس على القمر ويأكل في قاع البحار وينطق الجمادات، ويغزو الفضاء، بلاتينيته التي تبدأ من اليسار! فإننا لا نجادل كذلك في أن فضلنا عليه يتجسد في لغتنا التي تبدأ من اليمين فالحقيقة والمصير ومآل العالم هي جمل كتبت بأبجدية هذه اللغة العربية وتحتكر فهمها وتغلق الباب ضيقا أمام مرامي إدراك ذلك بغيرها شاء من شاء وأبى من أبى
ديدي نجيب