على مدى عقود، سافر الرؤساء الأمريكيون إلى إفريقيا، واقترحوا شراكات جديدة مع القارة وشعوبها، ومن ثم نسوا فورًا هذه المقترحات بمجرد أن عادوا إلى واشنطن.
وفي 20 تشرين الأول، 1999، أعلنت وزيرة الخارجية، مادلين أولبرايت، عن اعتقادها بأن حكومتها أنفقت المزيد من الوقت، والاهتمام، والمال، على إفريقيا مما فعلته أي إدارة أخرى.
ومنذ سنوات، زرت مالي وبوركينا فاسو في إجازة، ووجدت التقدم الذي أعلن عنه بعد زيارة أولبرايت، وسلفها وارن كريستوفر، لهذا البلد. وفي حين تطغى تفجيرات 9/11، والعراق، وأفغانستان، والحرب العالمية على الإرهاب، على إرث جورج دبليو بوش، إلا إنه لا رئيس أمريكي آخر كان له تأثير على إفريقيا كما فعل هو. وكان التزامه بالقارة ليس دبلوماسيًا فقط، بل وعسكريًا أيضًا. حيث أنشأت وزارة الدفاع الأمريكية أفريكوم، وهي القيادة السادسة لمقاتليها في القارة، ووعدت بالتزام أكبر بالأمن الأفريقي.
وبعد تنصيب الرئيس أوباما، أمل الأفارقة بأن الاهتمام الأمريكي قد يستمر. ولا يمكن أن نشير إلى أن هيلاري كلينتون حققت العديد من الإنجازات على هذا الصعيد خلال عملها كوزيرة للخارجية، ولكنها أولت القارة بعض الاهتمام حتى عندما بدأ باقي العالم يحترق. وخلال فترة كلينتون، قام أوباما بنشر قوات الولايات المتحدة سعيًا للقبض على جوزيف كوني، زعيم جيش الرب للمقاومة، وهو جماعة متمردة مسيحية اسميًا، سعت لزعزعة أوغندا، والآن جنوب السودان، من خلال الإرهاب والوحشية.
وللأسف، تراجعت هذه القوة الأمريكية مع ذهاب كلينتون، ويبدو أن أوباما قد أدار ظهره مرة أخرى فيما يتعلق بإفريقيا. وبالتأكيد، نشر الرئيس الأمريكي بعض القوات للمساعدة في احتواء فيروس إيبولا، ولكن ذلك كان رد فعل، بدلًا من أن يكون فعلًا استباقيًا. وعندما يتعلق الأمر ببناء شراكة حقيقية مع إفريقيا، يبدو أن الصين تتقدم بمقدار سنوات على الولايات المتحدة. وهذا أمر مأساوي بالنسبة لأمريكا، لأنه لا يوجد منطقة أخرى على سطح الكوكب تعد بالنمو المستدام مثلما تفعل إفريقيا.
حيث إنه، ووفقًا للبنك الدولي، حقق العالم أول أهداف خطته الإنمائية بخفض معدلات الفقر لعام 1990 إلى النصف بحلول عام 2015، قبل خمس سنوات من الموعد المحدد. وعلى الرغم من هذا التقدم، فإن عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع لا يزال مرتفعًا بشكل غير مقبول. ووفقًا لأحدث التقديرات، عاش 17 في المئة من سكان العالم النامي على أقل من 1.25 دولار في اليوم خلال عام 2011. وهذا يعني أنه في عام 2011، عاش أكثر من مليار شخص على أقل من 1.25 دولار في اليوم، مقارنةً مع 1.91 مليار شخص في عام 1990، و1.93 مليار شخص في عام 1981.
وحدثت الكثير من حالات الانخفاض في مستوى الفقر في إفريقيا؛ وهو ما حدث نتيجة نبذ البلدان الإفريقية للاشتراكية، وتبنيها مبادئ السوق الحرة. كما انخفضت معدلات القرصنة قبالة القرن الإفريقي، ووضعت الدول التي كانت غارقة ذات مرة في حرب أهلية تلك الحقبة الآن وراءها.
وصحيح أن هناك دولًا، مثل جنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى، تترنح على حافة الفشل، إن لم يكن على حافة الهاوية حتى، إلا إن هذه الدول هي الاستثناء في إفريقيا اليوم، وليست القاعدة.
وبينما أدارت الولايات المتحدة ظهرها لإفريقيا، ترسل الصين مئات من قوات حفظ السلام إلى جنوب السودان، وأعادت فتح سفارتها في الصومال، وبنت السكك الحديدية في نيجيريا. الصينيون يتدفقون على هذه القارة اليوم طمعًا بالفرص الاقتصادية، بينما تضاءلت التجارة الأمريكية مع إفريقيا في عهد أوباما.
مايكل روبين – كومينتري ماجازين
ترجمة : التقرير