
إن مبدء حرية التعبير ليس من الضروريات التي تحتاج لأن تعلن لأحد أو تمنع عنه لكنها سلاح قد يفتك بأي أمة استهانت به، وترك الحبل على الغارب لأبنائها في استخدامه.
فقد أصبحت حرية التعبير هنا في موريتانيا مركبا نحو الفوضى والدعاية والتحريض والفتنة والتفرقة ووسيلة لترويج المصالح الخاصة على حساب أعراض الناس وقيمة المقدسات الاسلامية ومكانة الشخصيات الكبيرة في البلد، إنها موجة يركبها كل من هب ودب حتى خرجت الحرية عن نطاق السيطرة وحتى غدت فتنة صامتة، إذ أصبحت تمس من رموز البلد ومقدساته وأعراض الناس ومن شخص رئيس الجمهورية فمن المعروف أن حرية الفرد تنتهي عندما تصل لحرية الآخر.
إن المبالغة في حرية التعبير والافراط في استغلال هذه المساحة الكبيرة التي منحتها موريتانيا لمواطنيها في أمور تافهة لا يعود على الوطن بخير، فلا يوجب إعلان السلطة الموريتانية لمبدئ حرية التعبير إفراط المواطنين في انتهاز هذه المساحة الشاسعة للتوجه صوب أي منحدر وأي قضية، إننا لا نريد للسلطة في موريتانيا أن تطوق الحريات ولا أن تكبح جماح الحرية ولكنه قد ءان الآوان لوضع حدود حمراء تحمي رموز البلد و تنتصر لمقدساته ولأعراض الناس وتحترم للشخصيات الكبرى في البلد مكانتها، فما الفرق بين موريتانيا وكل الدول المجاورة لها والتي تنعم بحرية التعبير ويشعر مواطنوها ويعيشون ديمقراطية شاملة بين مختلف الأعراق والديانات، أما في موريتانيا التي يسود فيها دين واحد هو الاسلام ويحكمها رئيس واحد مع تعدد في النسيج الاجتماع، فقد أوشك إطلاق العنان للتعبير والحرية أن يقتل الحرية نفسها ويحيلها إلى فوضاوية لا تبقي ولا تذر ولا تحترم لأي كان قدره، ويصبح البقاء للأقوى كما في قانون الغاب.
إنه من الملاحظ في الأوساط الاعلامية أن بعض الوسائل الاعلامية المحلية أصبحت تروج لبعض القضايا العرقية التي لا تقدم ولا تأخر، وليس ذلك غير صب للزيت على النار، لاشعال فتنة تبدأ بلهيب وتأتي على الأخضر واليابس بعد قليل، إن حرية التعبير لا تعني النيل من شخص رئيس الجمهورية مهما كان ولا تعني تحدي المؤسسة العسكرية ولا تعني المساس من نسيج المجتمع، ولا تعني تلويث المقدسات، لكنها تقدير للآخر وتثمين لمكانته وفتح الباب للحوار مع من يخالفك الرأي والتوجه السياسي.
ورغم أن حدود حرية الرأي والتعبير من القضايا الشائكة والحساسة، فالحدود التي ترسمها الدول للحرية قد تتغير وفقا للظروف الأمنية والنسبة السكانية للأعراق والطوائف والديانات المختلفة التي تعيش ضمن الدولة أو المجموعة وأحيانا قد تلعب ظروف خارج نطاق الدولة أو المجموعة دورا في تغيير حدود الحريات، لكننا في موريتانيا نختلف عن الآخرين فنحن جميعا مسلمون ولنا رئيس واحد ودولة واحدة ومبادئ فكرية متقاربة، فعلينا أن نبتعد عن التطرف والمساس من أعراض الناس وأن لا نستخدم هذه الحرية في ما يزرع الفتن والحروب الداخلية، ولا نحمل القضايا البسيطة ما لا يمت إليها بصلة.
اتلانتيك ميديا